المعتقدات السياسية جزء أساسي من المخ يصعب تغييره
أكدت دراسة قادتها جامعة جنوب كاليفورنيا ما يبدو صحيحا على نحو متزايد في السياسة الأميركية: يصبح الناس أكثر عنادا في معتقداتهم السياسية عندما تقدم لهم أدلة تنافي هذه المعتقدات.
نشرت الدراسة في 23 ديسمبر في دورية Nature وتقارير علمية أخرى.
قال علماء المخ والأعصاب بمعهد المخ والإبداع بجامعة جنوب كاليفورنيا أن النتائج من دراسة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي تبدو ذات أهمية خاصة لدراسة كيفية استجابة الناس للأخبار السياسية سواء وهمية أو ذات مصداقية طوال مدة الانتخابات.
قال الباحث الرئيسي جوناس كابلان، الأستاذ المساعد في أبحاث علم النفس: “المعتقدات السياسية هي مثل المعتقدات الدينية من ناحية أن كلاهما جزء من كيانك أنت ولهما أهميتهما بالنسبة للدائرة الاجتماعية التي تنتمي إليها”.
“حتى تنظر لرأي سياسي بديل تحتاج أن تنتظر ذلك من نسخة بديلة منك”.
لتحديد أي شبكات المخ تستجيب عندما يتشبث شخص ما بقوة بمعتقداته قام العلماء بمقارنة ما إذا كان الناس يغيرون رأيهم في قضايا غير سياسية وسياسية عندما تقدم لهم أدلة منافية لرأيهم وعدد من يفعل ذلك.
اكتشف العلماء أن الناس كانوا أكثر مرونة عندما طُلب منهم النظر في قوة اعتقادهم في تصريحات غير سياسية – على سبيل المثال، ” ألبرت آينشتاين كان أعظم فيزيائي في القرن العشرين.”
ولكن عندما وصل الأمر إلى إعادة النظر في معتقداتهم السياسية، مثل ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة خفض ميزانية الجيش، لم يتزحزحوا.
قال كابلان:”فوجئت بأن الناس قد تشك في أن آينشتاين كان أعظم عالم الفيزياء، حيث أظهرت هذه الدراسة أن هناك بعض النواحي نحتفظ فيها بالمرونة في معتقداتنا”.
استجابة الدماغ لتحدي الاعتقاد
في الدراسة جند علماء الأعصاب 40 شخصا أعلنوا أنهم ليبراليون. ثم درس العلماء عن طريق التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي كيف استجابت عقولهم عندما تم الطعن على معتقداتهم.
خلال جلسات التصوير الدماغي قُدم للمشاركون ثمانية بيانات سياسية كانوا قد قالوا أنهم يعتقدون فيها بنفس قوة مجموعة من ثمانية بيانات غير سياسية. ثم عُرضت عليهم خمسة مزاعم تطعن في كل بيان.
صنف المشاركون قوة اعتقادهم في البيان الأصلي على مقياس من 1-7 بعد قراءة كل ما يطعن فيه. ثم درس الباحثون التصوير الدماغي لتحديد أي المناطق أصبحت أكثر نشاطا خلال هذه الطعونات.
لم يغير المشاركون معتقداتهم كثيرا، بل على الإطلاق.
عندما قدمت دلائل تعارض البيانات السياسية مثل: “يجب أن تكون القوانين التي تنظم حيازة الأسلحة النارية في الولايات المتحدة أكثر تقييدا”.
ولكن لاحظ العلماء أن قوة معتقداتهم ضعفت بنقطة أو نقطتين عندما تم الطعن على موضوعات غير سياسية، مثل ما إذا كان “توماس إديسون اخترع بالفعل المصباح الكهربائي.”
عرضت على المشاركين تصريحات مضادة دفعت بعض مشاعر الشك، مثل “قبل ما يقرب من 70 عاما قبل اديسون، عرض همفري ديفي مصباح كهربائي على الجمعية الملكية.”
وجدت الدراسة أن الأشخاص الأكثر مقاومة لتغيير معتقداتهم كان لديهم مزيد من النشاط في اللوزية amygdalae (وهي زوج من المناطق الشبيهة باللوز بالقرب من مركز المخ) والقشرة الانعزالية insular cortex، مقارنة بالأشخاص الذين كانوا أكثر استعدادا لتغيير رأيهم.
قال كابلان: “النشاط في هذه المناطق التي تعتبر هامة في الانفعال واتخاذ القرارات قد يرتبط بما نشعر به عندما نواجه أدلة ضد معتقداتنا”.
وأضاف أن “اللوزة على وجه الخصوص معروف أنها تكون مشاركة بخاصة في إدراك التهديد والقلق”. “القشرة الانعزالية تعالج انفعالات الجسم وذلك أمر مهم للكشف عن الأهمية العاطفية للمحفزات، وهذا يتفق مع فكرة أننا عندما نشعر بالتهديد أو القلق أو الانفعال نصبح أقل عرضة لتغيير عقولنا.”
كما أشار إلى أن وجود نظام في المخ [شبكة الوضع الافتراضي] ارتفع نشاطها عندما تم الطعن على المعتقدات السياسية للمشاركين.
“هذه المناطق في الدماغ ارتبطت بالتفكير في [من نحن]، ومع هذا النوع من الاجترار أو التفكير العميق الذي يأخذنا بعيدا عن هنا والآن”.
وقال الباحثون أن هذه الدراسة الأخيرة، جنبا إلى جنب مع أخرى أجريت في وقت سابق من هذا العام، أشارت إلى أن شبكة الوضع الافتراضي في المخ مهمة للتفكير رفيع المستوى حول المعتقدات أو القيم الشخصية الهامة.
أوضح أحد الباحثين: “إن فهم متى ولماذا يصبح الناس عرضة لتغيير معتقداتهم هو هدف عاجل”. “معرفة كيف وأي البيانات قد تقنع الناس لتغيير معتقداتهم السياسية يمكن أن يكون أساسيا لتقدم المجتمع”، على حد قوله.
https://www.sciencedaily.com/releases/2016/12/161223115757.htm