تفاصيل ممتعة عن الفضاء والصواريخ
د.م. محمد علي حسن
كلام لذيذ في الفضاء والصواريخ لأصحاب العقول الواعية
ولكنه سيكون ثقيل على أصحاب العقول الفسيخ أو في الرواية الشائعة الصفيح المسطح 🙂
1- وزن النظام الصاروخي الكيميائي أو الاشتعالي “فالكون الثقيل” الذي أطلق مؤخراً حوالي 1.4 مليون كيلوجرام.
2- الغالبية العظمى من هذا الوزن الضخم عبارة عن وقود ومادة مؤكسدة وجزء صغير جداً من هذا الوزن الضخم يمثل وزن المعدات والأجهزة.
3- كل هذا الوزن الضخم لكي ينقل حمولة قدرها 63 طن من الأرض لمدار فضائي أرضي منخفض ارتفاعه يتراوح ما بين 400 و 700 كيلومتر من سطح البحر.
4- هذا المدار الفضائي المنخفض حول الأرض (LEO) مخصص لأقمار الاستشعار عن بعد والمحطة الفضائية. وتلك الأقمار تدور حول الأرض دورة كاملة كل 90 دقيقة إذا كان المدار على ارتفاع 500 كيلومتر علي سبيل المثال.
5- أما إذا كانت الحمولة (القمر الصناعي) ستذهب للمدار الأرضي المتزامن أو الثابت (على ارتفاع 36000 كيلومتر) فحمولة الصاروخ فالكون الثقيل تنخفض ل 26 طن.
6- الميزة لهذا المدار المتزامن أن القمر الصناعي يظل ثابتا فوق موقع جغرافي معين على الأرض وذلك لأنه يكمل دورة كاملة حول محور الأرض كل 24 ساعة تماما مثل دوران الأرض حول محورها دورة كاملة كل 24 ساعة.
7- أقمار الاتصالات والبث التلفزيوني وأقمار الأرصاد الجوية وأقمار التموضع غالباً يتم وضعها في هذا المدار الجغرافي الثابت والهوائيات الأرضية لاستقبال الإشارات من تلك الأقمار تكون ثابتة ومتجها لمكان محدد في الفضاء.
في النهاية أتوقع أن يسألني أحدهم السؤال التالي:
بعد ذكرك الأوزان الضخمة التي نحتاجها من الوقود والأوكسجين (سواء كان كلاهما سائل أو خليط صلب منهما) لمجرد وضع قمر صناعي خلال دقائق في الفضاء على ارتفاع 500 كيلومتر فقط !
طيب يا فالح فكم سيكون حجم الوقود اللازم لسفر المركبات الفضائية لملايين الكيلومترات (إلي كوكب المريخ على سبيل المثال) وربما السفر مليارات الكيلومترات كما حدث مع المركبة اليابانية هايابوسا (التي شرفت بالإسهام فيها خلال فترة تواجدي بالوكالة اليابانية للفضاء) واستغرقت رحلتها 7 سنوات كاملة للوصول لكويكب ايتوكاوا ثم العودة للأرض ببعض العينات منه؟! (تفاصيل الرحلة سبق لي ونشرتها في الطبعة العربية لمجلة نيتشر الشهيرة،).
أقول لهذا السائل التالي: المحركات الفضائية الشائع استخدامها للسفر من نقطة في الفضاء لنقطة أخري في الفضاء ليست محركات اشعال كيميائي كالتي تستخدم للهروب من جاذبية الأرض بل هي محركات أيونية أوزانها مع وقودها لا تتعدي بضع عشرات من الكيلوجرامات ولا تحتاج أوكسجين أو مادة مؤكسدة. المحركات الأيونية تعمل بغاز زينون وهو نوع من الغازات النبيلة وله كتلة كبيرة.
المحرك الأيوني هو نوع المحركات الخاصة التي تستخدم في تحريك المسابير الفضائية وتعديل مسارات الأقمار الاصطناعية. المحرك يعمل بطريقة حزم أيونات تندفع بواسطة حقل كهربائي قوي ومن ثم تخرج بقوة دفع أيوني مما يجعل المسبار الفضائي يتحرك في الاتجاه المضاد . ومع ان الجهد المستخدم منخفض بسبب محدودية الطاقة الكهربائية في المسابير الفضائية والاقمار الاصطناعية إلا ان هذه المحركات تنتج قوة دفع عالية (Specific impulse) إذ تتحرك الأيونات بسرعات عالية جدا في المجال الكهربائي المسلط عليها ولها في نفس الوقت كتلة ولو بسيطة. قوة دفعها قليلة إذا ما قورنت بالدفع الصاروخي الاشتعالي ؛ ففي الدفع (Thrust) الصاروخي الاشتعالي تكون كمية الوقود عظيمة جدا في حين سرعات الحبيبات الساخنة تكون نسبيا قليلة (الدفع = حاصل ضرب كتلة الغاز في سرعته). لذلك تستخدم مثل هذه المحركات الأيونية في الفضاء لتعديل مسارات الأقمار ، وهي تعمل لفترة طويله وكمياتها قليلة لا تشكل مشكلة وزنية فتكون سهلة لحملها في قمر صناعي . ذلك بخلاف محركات الصواريخ الاشتعالية (تعمل بالاحتراق كيميائي) التي تكون لازمة لإطلاق صاروخ ثقيل بحمولته ورفعه عن سطح الأرض.
عن الكاتب
عالم مصري في اليابان متخصص في مجال هندسة الفضاء والنانو
أستاذ مشارك في معهد كيوتو للتكنولوجيا
تخرج في كلية الهندسة جامعة أسيوط