إسلاميةمفاهيم إسلامية

جمعة

بقلــم داليــا رشــوان
9-12-2007
صليت الجمعة في أحد المساجد، وكانت أول مرة منذ فترة طويلة، ولو أني أسمع خطب الجمعة بانتظام من بيتي (المايكروفون عالي) وأنا معتادة على سلبيات هذه الخطب ولكنها لم تستفزني بالشكل الذي حدث عند حضوري، وهو ليس استفزاز بقدر ما هو غيرة شديدة على دين الله، فلقد وجدت أعدادا غفيرة من المسلمين تحضر صلاة الجمعة ويبدو عليهم الحماس والالتزام بها حتى أدمعت عيني من كثرتهم وحرصهم على صلاة الجمعة، فهي فرصة لاجتماع المسلمين على ما يرضي الله لعل هذا الإجتماع يؤثر في سلوكهم، ثم جلست انتظر الخطبة، فإذا هي تتحدث عن موقف من مواقف السيرة النبوية، ولأني أعرف السيرة إلى حد ما رحت أسرح بخيالي في هذا الموقف الذي يحكيه الإمام وأبعاده لأخرج بهذا الخيال عن ما يتحدث فيه ولكني أفقت لأفاجأ أن الحالة التي وصلت إليها هي أنني مليت وأريد من الإمام أن ينتهي حتى نصلي كنتيجة طبيعية للحديث الرتيب المكرر الذي ليس له أي علاقة بحال المسلمين الآن أو ربط بحياتنا وسلبياتنا وما نحتاجه لنحيا حياة ترضي الله ولا تمت بصلة لهدف فرض هذه الصلاة ودورها في زمن أغرقته الفتن من كل جانب.

ليست هذه المرة الأولى التي أسمع فيها خطبة جمعة بهذه المواصفات لكن وجودي في المسجد وإحساسي أنني وسط شباب ورجال ونساء مهيئون تماما لاستقبال أي كلمة نافعة أثار غيرتي الشديدة وأشعرني أن هذا الإمام لا يعمل لصالح المسلمين ولكنها وظيفة تقليدية يقوم بها.

اعتراضي ليس على مواقف من السيرة ولكن على سردها كما هي، والحقيقة أن السيرة أوجدها الله بين أيدينا لتكون نموذجا لنا نحيا به، هي طريق نسير عليه لنصل إلى الجنة ولكننا نحتاج لمتخصص كي يقوم بالربط بينها وبين حياتنا لنستطيع بهذا الربط أن نسير على طريق الله في زمننا هذا بمتغيراته، متخصص يستخرج القيمة من الموقف وإعطاء أمثلة مباشرة واقعية تقابلنا يوميا ونعاني منها ويضع داخلها هذه القيمة.

هذه الخطبة عظم الله شأنها فهي فرض يضمن تجمع المسلمين أسبوعيا بقلوب متفتحة مستقبلة لأمر ربها لتسمع ما يدفعها إلى طريق الخير أو تناول للأخطاء التي يقع فيها المجتمع والحلول العملية له فتكون لهم بمثابة مصدرا أسبوعيا لتصحيح المسار بشكل عملي مفيد في الدنيا والدين أو تقويم لأي اعوجاج سلوكي يصيب الأمة أو تحفيز على عمل إيجابي أو خدمة للمجتمع فينتظر الناس هذا اليوم بفارغ الصبر في شوق لما سيحدثهم عنه الإمام لأنه ربما سيلمس أحد المشاكل التي يعاني منها دون أن يشتكي.

سبب شهرة قليل من الدعاة في زمننا هذا هو حديثهم عن واقع يلمسه الناس عن أحداث تراه جميع الأعين عن فكر سائد يعاني منه المجتمع، فيجتمعون حولهم وكأنهم في لهفة وشوق إلى كلمات ايجابية مفيدة تدلهم على الطريق، وهم في احتياج لمن يضع حياتهم على طريق الله بشكل بسيط دون تكلف ومغالاة، وتعليمهم مفردات دينهم بوضوح وتركيز وهم مهيئون لتنفيذ أي حل عملي للوصول إلى الحق سبحانه وإرضاؤه.

فمتى يتعلم خطباء المساجد أن يخرجوا من روتين الوظيفة إلى الدعوة إلى الله.

اظهر المزيد

داليا رشوان

هذا الموقع هو عالمي الخاص الذي أردت أن أنشر من خلاله مشاهداتي والنتائج التي توصلت لها من خلال بحثي المستقل كما أضفت للموقع بعض الأقسام العلمية التي أقصد بها زيادة الوعي والتثقيف العلمي في عالمنا العربي. دراستي الرئيسية طبية وهي الكيمياء الحيوية ومنها تعلمت ما يتعلق بالنفس البشرية بأسلوب علمي تطبيقي وليس فلسفي، مما جعلني أخرج بأساليب عملية تجمع بين العلم والشرع لتيسير الحياة على الناس وإيجاد وسائل السعادة والرضا لهم. للمزيد عني يمكن زيارة هذه الصفحة: عن الكاتبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
×

مرحبا!

للحالات التي تحتاج دعم نفسي واستشارات أسرية (بواسطة التليفون أو برامج الاتصال الصوتية) يمكن التواصل والحجز واتس أب

× تحدث معى عبر واتس أب