إسلاميةمفاهيم إسلامية

شماتة بركان ايسلاند

ما أن انتشرت أخبار بركان آيسلاند وتبعياته إلا واجتاحت المجموعات العربية الإسلامية رسائل تحمل بين طياتها شماتة غريبة وتذكير بأن هذا البركان من جنود الله وأنه أعاق اقتصاد الكافرين وما إلى ذلك.

أول ما تبادر بذهني وقتها أليس هناك مسلمون قد تأثروا بهذا البركان؟ أليس هناك عدد ضخم من المسلمين يسكنون أوروبا؟ ماذا سيكون شعورهم حين يرون إخوانهم في الدول العربية فرحين بمصيبتهم؟

ثانيا: هل العرب بمنأى عن غضب الله وجنود الله؟ وماذا عن إعصار عمان وسيول جدة والأمراض التي تخرج من حيث لا نحتسب فتصيب القرى وتهلك الناس في جميع دولنا العربية، وماذا عن الأزمة الإقتصادية الأخيرة وآلاف المصائب التي أصابتنا والتي دلت بوضوح تام أننا لسنا بالإلتزام الديني الذي يرضي الله حتى نطمئن بهذه الصورة.

هل من المعقول حين يصيب الآخرين مصيبة نهلل ونفرح ونشمت بهم؟ هل هذا هو دين الله وما أمر به عباده؟ أليس الأولى أن نحذر لأن الدور قد يأتي علينا في أي لحظة؟

المسلم ليس عدوا للعالم

فقد قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28) سبأ.

المسلم رحمة للناس من حوله وليس نقمة عليهم وشر بينهم يفرح إذا أصابتهم المصائب ويغضب إذا وجدهم منعمين سالمين، وعندما يغضبه أحدهم تمنى لو رآه في عذاب الجحيم ولو كان سبب غضبه توافه الأمور، ولكن للأسف هكذا أصبح حال المسلمون.  

هناك حديث صحيح وصريح ينهى عن هذه الأفعال فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين، فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم روى البخاري (433)، ومسلم (2980)، وقد كان هذا النهي لما مر الجيش ومعهم النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر ديار ثمود أثناء توجههم إلى تبوك.

هذا الحديث ينهى عن الشماتة في المعذبين لأن الشماتة تعني شعور بالأفضلية واطمئنان شخصي بأن هذا الغضب لن يطالك مثله، لذا إذا راقبت عذاب الناس بهذه النية فسيصيبك ما أصابهم بنص الحديث الصحيح. أما الدخول عليهم باكين  فالبكاء المقصود به هنا البكاء خوفا من غضب الله وتعظيما وإجلالا له سبحانه فقد رأيت لتوك أعظم ما قد يصيب إنسان وهو غضب الله.

المؤمن يفرح عندما ينصره الله على من ظلمه ولكن هذا النصر لا يجعله يشمت في عدوه ولكن يجعله ينتبه من أفعاله فلقد رأى بعينيه ماذا يفعل الله بمن يغضبه ليصبح بعد ذلك أكثر خوفا وحرصا ويقينا.

انظر معي هذه الآية من سورة الشورى

وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41)

إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42)

وهذه الآية تدل على أن من سينتصر بعدما ظُلم قد يشعر بالخوف من أن يكون نصره هو ظلم منه لعدوه، فقد تساوره الشكوك أن يكون قد تمادى أو أغضب الله بأي شكل، لذا أكد الله في الآية أن هذه الحالة ليس عليها شئ. وهنا تتضح بعض المشاعر التي تأتي على بال مؤمن نصره الله على عدوه.

إذا كان هذا هو حال مظلوم انتصر على ظالمه فكيف تشمتون في أشخاص لا تعرفوهم.

ما كل هذا الكره!!!!

 

اظهر المزيد

داليا رشوان

هذا الموقع هو عالمي الخاص الذي أردت أن أنشر من خلاله مشاهداتي والنتائج التي توصلت لها من خلال بحثي المستقل كما أضفت للموقع بعض الأقسام العلمية التي أقصد بها زيادة الوعي والتثقيف العلمي في عالمنا العربي. دراستي الرئيسية طبية وهي الكيمياء الحيوية ومنها تعلمت ما يتعلق بالنفس البشرية بأسلوب علمي تطبيقي وليس فلسفي، مما جعلني أخرج بأساليب عملية تجمع بين العلم والشرع لتيسير الحياة على الناس وإيجاد وسائل السعادة والرضا لهم. للمزيد عني يمكن زيارة هذه الصفحة: عن الكاتبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
×

مرحبا!

للحالات التي تحتاج دعم نفسي واستشارات أسرية (بواسطة التليفون أو برامج الاتصال الصوتية) يمكن التواصل والحجز واتس أب

× تحدث معى عبر واتس أب