النشر الكارثي لفيديوهات تربط بين القرآن والعلم الحديث

بقلم داليا رشوان

فجأة في رمضان هذا العام انتشرت فيديوهات كثيرة لإمرأة تتحدث عن الربط بين القرآن والعلم. وتبدو الحلقات لعموم الناس وكأنها بهدف إثبات أن القرآن حق فبادروا بالنشر بكل فخر واعتزاز ووقعوا في فخ تشويه الإسلام.

فرح الناس بأن شخصية أجنبية متبرجة تحكي عن القرآن بكل حماس وتربط بينه وبين العلوم الحديثة التي بالكاد يعرف الناس عنها أي شئ في بلادنا العربية أو حتى الإسلامية.

قد يكون هذا الشعور بالفخر والإقدام على النشر تعويضا لجهل المسلمين سواء من العرب أو من غيرهم بالعلم، ومصدر فخرنا يأتي من أن كِتابنا من 1400 سنة تنبأ بكل ما اجتهد علماء الغرب فيه، وهو ما يغطي على جهلنا الحالي وتقاعصنا عن تعلم العلم وإتقانه.

اهتم الناس كالعادة بالمظهر السطحي والانفعالات والمشاعر التي يجرها هذا المظهر دون البحث وراء هذا البرنامج والتأكد من صحة الربط الذي قام به. كما أن عدم علمهم بالقرآن وتفسيره وبالعلوم الحديثة وتطبيقاتها لم يساعدهم في الحكم السوي على الأمور وأخذوا الأمر بالمظهر فقط.

لقد ارتكب البرنامج كوارثا في تفسير القرآن والربط بينه وبين العلم الحديث، فعلى سبيل المثال جاء تفسير سورة التين مشوها ومصطنعا وكأنه تم ليّه ليًّا ليوافق أهواء وأفكار فئة ما لا نعلم عنها شيء وهي الجهة المنتجة لهذه المواد الإعلامية.

كما أثبت البرنامج بآيات محرفة المعنى نظرية التطور لدارون، تلك النظرية التي تؤمن بتطور الكائنات من بعضها البعض بما فيهم الإنسان. وقد ظلت هذه النظرية مجرد فرضية أو نظرية متناقضة تماما مع ما جاء في كل الكتب السماوية التي تجزم بشكل قاطع وواضح أن سيدنا آدم هو أول من نزل على الأرض بهيئته. وهنا سؤال: كيف يقوم برنامجا مجهول النسب بإثبات هذه النظرية من القرآن بشكل منحرف إلا أن يكون الغرض من ورائه التضليل والتشويه.

البرنامج أيضا يضع تصورا لماهية السماوات السبع بشكل محرف يربط بين تفسير القرآن المشبوه الذي يقومون به وضرب بعضه ببعض ليوافق ما اكتشفه علماء الفلك في وقتنا الحالي، تلك الاكتشافات التي تعد بالنسبة لعلماء الفلك أنفسهم قليل جدا، لأن حدود العلم وقفت عند منطقة لا تستطيع آليات العلم الحديث أن تخترقها بدلائل علمية دامغة ولكن كثير منها نظريات.

هناك عدة علامات استفهام على الحلقات منها:

1- تريد الفيديوهات أن تصور لك أن المذيعة كلير فورستر هي التي تتحدث من تلقاء نفسها وأنها هي الباحثة وهو ما ليس صحيحا بل هي مذيعة في البي بي سي مسيحية وهي مستأجرة لتقوم بهذه المهمة.

2- الأدهى من ذلك أن هذه التفسيرات التي تبدو تفصيلية تحتاج لفريق من علماء الفيزياء والفلك والطب وما إلى ذلك وتحتاج أيضا لأساتذة في علوم القرآن لتخرج صحيحة، ولكن لم يتم ذكر أي اسم لأي شخص موثوق به في أي من العلوم المذكورة كمشارك في هذه الحلقات، سوى شخص اسمه د. طارق مصطفى لم أجد له أي أثر أو إنجاز أو أي تفاصيل تربطه بهذه المجالات وتسمح له بأن يخرج مثل هذا العمل.

3- طاقم التصوير والإنتاج والإخراج كله بأسماء عربية مما يثير الشك حول الدولة العربية التي تمول مثل هذا الإنتاج لتشوه الإسلام من خلاله.

4- الحلقات تتبع مبادرة إسمها ThereIsNoClash ليس لها موقع ولا تفاصيل سوى قناة على اليوتيوب وتويتر وصفحة على الفيسبوك ليس بها أي بيانات إلا التالي في قسم من نحن:

ThereIsNoClash is a social media initiative about the physical and social sciences. Each week, we release a new episode where we explore the relationship between science, life, and religion. From the theory or relativity to the theory of evolution, each episode deals with a unique scientific concept. NoClash proves, definitively, that religion and science are really just two peas in a pod.

ترجمة:

NoClash هي مبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي حول العلوم الطبيعية والاجتماعية، حيث أننا في كل أسبوع نصدر حلقة جديدة نكتشف فيها العلاقة بين العلم والحياة، وذلك بدءا من نظرية النسبية إلى نظرية التطور، فكل حلقة تتعامل مع مفهوم علمي فريد. وتثبت مبادرة  NoClash بشكل قاطع أن الدين والعلم هما حقا وجهان لعملة واحدة.

الاعتقاد بالمظهر هو من أكثر مشاكلنا انتشارا حيث أن أي جهة تستطيع السيطرة على الأكثرية دون أي مجهود يذكر، كما تستطيع تشويه الإسلام بأيدينا نحن المسلمون.

لذا علينا في هذه المرحلة الحرجة التي يحارب فيها الإسلام أن نعي ماذا نفعل ونبذل مجهودا في البحث حول ما ننشره، وإن كان ذلك يشكل علينا عبأ فعلينا على أقل تقدير الإمساك عن نشر الموضوعات المشبوهة والمراقبة عن بعد لمدة حتى نفهم ما يحدث من شخص أكثر وعيا أو معرفة يستطيع أن يشرح لنا حقائق الأمور.

قليل من المسلمين كان واعيا بما يبثه هذا البرنامج، فبدأت التحذيرات منه ولكنها تظل أصواتا قليلة ومنخفضة لا يسمعها الجميع ولايزال معظم المتخصصين عاجزين عن نقد هذا البرنامج أو عرض حقيقة كيفية تشويه الإسلام من خلاله لضعف علمي أو للانشغال بأشياء أخرى غير التصدي لتشويه الدين بطرق تأتي من داخل الأمة الإسلامية نفسها.

هنا بعض الروابط لشخصيات حذروا من هذه الفيديوهات ومع البحث أدعو الله أن يكثر هؤلاء المحذرون ليصلوا إلى الأمة:

https://www.reddit.com/r/islam/comments/8has5s/warning_on_the_science_miracle_claims_youtube/

https://plus.google.com/113594195221226578054/posts/HAWLprrbm6e