البخور والجن .. إيه العلاقة؟
بقلم داليا رشوان
منذ عدة أشهر وجدت بخورا رائحته عطرية طيبة عند عطار بجانب سكني ولم أكن أفهم قصة البخور وكيف يتعامل معه الناس بشكل عام.
كنت اعتقد أن البخور نوع واحد ذو رائحة مميزة غريبة تختلط به رائحة احتراق الخشب المضاف له، وهي تلك الأنواع الرديئة التي تباع في الشارع، ولم أعلم أن هناك أنواع لها رائحة عطرية رائعة جدا.
بدأت استخدم الأنواع الجميلة التي وجدتها عند هذا العطار، فجعلتها عادة أن استيقظ من النوم عند صلاة الفجر وبعدها أبدأ العمل على ما يلزم في المنزل وأضع هذا البخور، ومع شروق الشمس يكون البيت قد تعطر مما يعطي راحة نفسية قوية مهما كانت الضغوط.
بدأت استخدم البخور بهدف الراحة النفسية التي تؤثر فورا على المناعة والقدرة على مقاومة الأمراض والطاقة التي تمكن الإنسان من مواصلة يومه بنشاط (إلى جانب الكثير من الممارسات الصحية الأخرى بالطبع التي لن تستقيم حالتي الصحية إلا بها).
رائحة البخور الطيبة تهديء من الأعصاب وتعطي طاقة إيجابية مثلها مثل استخدام صابون أو معطر أو منظفات ذات رائحة محببة، وهي أيضا مثل التركيز على استخدام ألوان براقة سواء للملايات أو الأغطية أو الستائر. فامتاع الحواس بشكل عام بما هو حلال طيب يعين الإنسان على أن يتعامل مع ضغوط كثيرة من حوله ليسير في الأرض ويقوم بما أمره الله.
ولكن تفاجأت أن البائع في محل العطارة يعتقد أن لدي جان أخرجهم بهذه الطريقة، ومهما شرحت له أن الرائحة الطيبة تؤثر إيجابيا في النفس وجدته يرد علي أن هذا شيء طبيعي فالبخور يطرد الشياطين، وبدأ أفهم أن من حولي جميعا من جيران وأصدقاء وزملاء يعتقدون في هذا المفهوم.
والحقيقة أنني لم أكن قد فكرت في الأمر من قبل بهذه الطريقة، فثقافتي إنجليزية بحكم عائلتي، فأصبحت أراجع في ذهني مسألة إخراج الشياطين وتعجبت من القناعة بأن شيء مثل البخور يطردهم.
تخيل أن هناك من يظلم ويفسد في الأرض هل إذا وضع بخورا إلى جانبه سينصرف عنه الشياطين والجن؟ أبدا لن يحدث!!
قال تعالى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف-36]
ما أعرفه هو أن القرآن والعمل الصالح وكثرة ذكر الله هو الذي يصرف الجان والشياطين، ولكنني أردت التأكد فقمت بعمل بحث ووجدت فتوى للشيخ بن باز يضع حدا لهذه المعتقدات وينفي تماما أي علاقة بين البخور والجن.
هل صحيح أن من بخر منزله باللبان الشهري يذهب الشياطين من المنزل، وهل يوجد دليل على ذلك؛ لأن كثيراً ممن حولنا يبخرون منازلهم عند الغروب اعتقاداً منهم انه يذهب الشياطين، وأنا لست مقتنع بعملهم هذا؟
هذا شيء لا أصل له، وإنما يذهب الشياطين ذكر الله، والتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، هكذا أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، يقول -صلى الله عليه وسلم-: (من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك). وقال: (إذا دخل الإنسان منزله مساءً وقال بسم الله قال الشيطان: لا مبيت، وكذلك إذا سمى عند الأكل قال: لا مبيت ولا عشاء. فالتسمية بالله والتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق هذه من أسباب الحفظ من الشياطين، وهكذا قراءة القرآن كل ذلك من أسباب السلامة فينبغي للمؤمن أن يفعل ما شرعه الله من التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ومن التسمية عند الدخول، يقول بسم الله إذا دخل المنزل، التسمية عند الأكل، عند الشرب، هكذا السنة، وإذا كرر أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات كان أولى وأفضل، كذلك يقول: بسم الله الذي لا يضر ما اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات، صباحاً ومساءً، وهكذا أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، إذا قالها لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك، وإن كررها ثلاثاً أولى وأكمل كما جاء في بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم فالحاصل أن هذه الأذكار هي التي يقي الله بها العبد من شر الشياطين ومن كل ما يضره أما البخور الذي ذكره السائل فلا أصل له.
ما يصدمني الآن هو كم المعلومات المغلوطة التي تنتشر عن مسألة الجن والتي تكتب بحرفية كأنها تخرج من متخصص ويتناقلها كثير من الناس دون الرجوع لأصل مثل هذه المسألة للتأكد من صحة المعلومات من مصدر موثوق به، وكأن هناك نفوسا تميل إلى الدجل سواء بسبب الموروثات أو لشيء في نفوسهم يرى أن الأسهل إخراج الشياطين بالبخور عن قراءة القرآن والعمل الصالح واتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
إضافة إلى ذلك فالناس كالعادة تنشغل بالتخاريف التي لا أصل لها في الدين عن الاستمتاع بما حلل الله، وهذا مجرد مثال مصغر لفساد الأفكار التي تبدو حقيقية من كثرة انتشارها، فتجد من يشعل البخور لا يستمتع برائحته ولا يستفيد منه لأنه طوال الوقت يعتقد أنه يخرج الجان فيتشتت عقله عن الفائدة الحقيقية.
والخلاصة ليس هناك أي علاقة بين الجن والبخور إلا في الأفلام العربية والإعلام الفاسد والقنوات الفضائية المخصصة للدجل والشعوذة