ترجمة وتحرير داليا رشوان
نحن ما نكرر فعله
يقول أرسطو:”نحن ما نكرر فعله لذا فإن التفوق ليس فعل ولكن عادة”. العادات الصحيحة هي أفضل صديق لنا لأننا نقوم بها تلقائيا فتتركنا نتفرغ للتركيز على احتياجات أخرى مفيدة. من ناحية أخرى فإن العادات السيئة هي في الحقيقة عكس ذلك لأنها تثقلنا وتستعبدنا وتورطنا لتعوقنا عن التحرك إلى الأمام في حياتنا. هذا هو سبب قول ناثانيل إيمونز ” العادة هي إما أفضل خادم أو أسوأ سيد لنا”. المشكلة هي أننا نصنع عاداتنا في البداية ثم بعد ذلك تصنعنا العادة.
العادات مثل موتور السيارة إما عادات جيدة فتأخذنا إلى الأمام أو سيئة تأخذنا إلى الوراء، ومن آن لآخر يجب أن ننظر من النافذة لنرى أي الطرق نسلك، وهل هناك معنى من الإستمرار على نفس الطريق إذا كنا نسير في الإتجاه الخطأ؟ من يريدوا أن يطوروا من أنفسهم ويغيروا حياتهم يستبدلون عاداتهم السيئة بأخرى جيدة. كيف نفعل ذلك؟ يمكننا أن نحول كسر العادة السيئة إلى عملية سهلة بمتابعة هذه الخطوات الرئيسية الخمسة:
1- يجب أن تعي العادة السيئة لأنك تفعلها بتلقائية أو دون تفكير لذا يجب أولا يجب أن تعيها وتحددها لتغيرها.
2- تابع مدى خطورة عادتك السيئة، ولنقل مثلا أن هذه العادة هي مشاهدة التليفزيون، المشاهدة في حد ذاتها ليست سيئة ولكن فرط المشاهدة أو نوعية البرامج المشاهدة أو المشاهدة على حساب واجبات أخرى وتضييع الوقت بها هي التي تجعل هذه العادة سيئة، لذا أستطيع بعد ذلك أن أقول أن هذه عادة سيئة دخلت حياتي وسيطرت عليها. في لحظة أخرى يساورني شعور غريب أنني أقضي وقتا كبيرا في الإنبهار أمام بعض البرامج، فأقرر أن أحسب هذا الوقت لأكتشف أنني أقضي في ذلك حوالي ساعتين ونصف يوميا. ولأعرف حقيقة تأثير هذه العادة السيئة أقوم بعمل بعض الحسابات الأخرى لأجد أنني أضيع 17 ساعة ونصف في الأسبوع بما يوازي ثلاثة أيام في الشهر وأكثر من شهر في العام. أكثر من شهر في العام؟؟؟!!! ما هذا؟؟ الآن عندي تصور لخطورة عادتي وأنا على إستعداد لأنتقل للخطوة الأخرى.
3- ادرس الهدف. بمعنى أن أسأل نفسي “لماذا أشاهد التليفزيون بهذا الإفراط؟” أليس ذلك هروبا، أو تسكينا لألم؟ هروب من ماذا؟ ربما هروب من التفكير في بعض المهام التي يجب أن أفعلها. تسكين ألم ماذا؟ ربما ألم الشعور بالذنب أو الندم أو الخزي لعدم فعل هذه المهام. والغرابة في ذلك هو أنني إذا فعلت هذه المهام لن أشعر بالألم وربما لن أحتاج لمشاهدة التليفزيون!! ليس هذا فقط ولكن خلال قيامي بهذه المهام سوف أتعلم أن متعة الإنجاز تفوق متعة مشاهدة التليفزيون وتضييع الوقت بلا إنجاز.
4- ادرس النتائج. ماذا أخسر بمشاهدة التليفزيون؟ هذا وقت الإنتقال من عمومية المهام إلى الخصوصية. حين أقف لأفكر في الشئ الذي أحتاج إنجازه شيئين يأتيان ببالي فورا أولا يجب أن أصلح النوافذ قبل مجئ موسم الثلوج، وكذلك الباب الرئيسي للمنزل الذي يسرب الهواء البارد في الشتاء لخفض تكلفة التدفئة. الآن حين أرى بوضوح ما هي المخاطرة سأتحمس لأقوم بإصلاح بيتي وإصلاح نفسي.
5- حان وقت القرار!! الآن وقد جمعت الحقائق حان الوقت لإطلاق عنان قوة الإختيار لأخذ القرار والتحرك. لنبدأ، ما هو المشروع الأول الذي ستبدأ به؟ ما هي الخطوات التي يجب أن تقوم بها؟ ماذا تحتاج لها؟ كيف ستبدأ؟ هذا اسهل مما توقعت هيا نبدأ الآن!
كيف تغير عادة
في المثال الذي طرحته قمت بخمس خطوات، ولكنه مكسب مؤقت، ما أحتاج فعله هو تكوين عادة جديدة واستبدال السيئ بالجيد. العادات الجيدة تكتسب بنفس طريقة اكتساب العادات السيئة أي بالتكرار. ماذا سأكرر؟ هذا إختيار شخصي؛ في حالتي سوف أستبدل الساعتين ونصف من وقت مشاهدة التليفزيون بساعة أقضيها في نادي صحي وثلاثون دقيقة الوقت المستغرق للإنتقال لهذا النادي والعودة منه وساعة أعمل فيها أحد المهام المنزلية المطلوبة.
للإقلال من الخوف المصاحب لهذا الإلتزام وعدم الوفاء به وثقل مثل هذا التغيير على النفس من الممكن وضع الجدول على أساس الإلتزام به شهر واحد فقط، وبعد متابعة النظام الجديد لشهر وشعوري أن هذا النظام لا يتوافق معي يمكن إيقافه بحرية، لأن الشعور بالحرية يعطي مساحة للإرتياح، وأنا في الحقيقة لدي الحرية أن أتوقف عن البرنامج الذي وضعته بعد شهر بلا أدنى مشكلة.
ولكني لن أتوقف! أتعرفون لماذا؟ لأن بناء عادة جديدة يتطلب ثلاثون يوما وعند نهاية الشهر سيصبح الجدول الذي وضعته عادة يومية لي. ولهذا السبب بعض مصانع السجائر تعلن بهذه الطريقة “جرب معنا إختبار الثلاثين يوم”، فهم يعرفون أنه إذا دخن الشخص سجائرهم لثلاثين يوما ستصبح عادة وسيكون منتمي لنوع سجائرهم. ولكن هناك مشكلة في تجربة الثلاثين يوم، حيث أنه يجب عليك أن تلتزم ببرنامجك الجديد يوميا بإخلاص دون تجاوز ولو يوم واحد، إذا تركته يوم واحد فقد حكمت على هذا البرنامج بالفشل لذا يجب أن تقرر قبل أن تبدأ. هل تريد أن تعود لما كنت عليه؟ أم أنك صادق في أمنيتك أن أتغير للأفضل؟ إذا اخترت أن تحسن من نفسك فليس لديك اختيار إلا أن تكرر البرنامج من اليوم الأول وتستمر مواصلا مدة الثلاثون يوما بلا إنقطاع. لقد حذرتك مسبقا لذا يجب أن تسهل على نفسك مهمتك ولا تترك يوما واحدا.
يجب أن تعلم أن أفضل عادة بديلة يمكنك أن تستبدل بها العادة السيئة هي نشاط رياضي فقد أثبتت الدراسات أن من يمارس الرياضة بشكل منتظم يكتسب نظام ذاتي وثقة بالنفس تصب بخيراتها على جميع نواحي الحياة الأخرى للفرد. لذا فإن الأمر لا يتعلق بالإهتمام بالصحة الجسدية ولكنه يتعلق بالسير في طريق يؤدي بك إلى تطوير ذاتي لا حدود له.
الآن جاء دور إختيار النشاط الرياضي المناسب. من أهم أسرار النجاح هو تطوير العادة التي تأتي بالأهداف المرغوب فيها. إذا فعلنا ذلك فإن نجاحنا مضمون. أو مثلما قال تشارلز جيفنز “حقق نجاحك في أي مجال من مجالات الحياة بتحديد الاستراتيجيات الأمثل لها وتكرارها حتى تصبح عادة”.
تشاك جالوزي
تعليقي:
أول ما يذكرني هذا الموضوع، برمضان ونظام الثلاثون يوما الذي فرضهم علينا رب السماوات والأرض سبحانه لتصبح خلق رمضان هي خلقنا بقية السنة
ويذكرني أيضا بمن يريد أن يعتاد الإلتزام بالصلاة ولا يستطيع
واستبدال العادات التي تضيع الوقت بأخرى لها هدف ولها نتائج ملموسة ومحببة إلى النفس
داليا رشوان