أحفاد الفرعون
بقلم أماني المرشدي
كانت مفاجأة حزينة أن أقابل على صفحات العالم الأزرق أفرادا يحملون نفس القسمات النفسية لفرعون موسى ..الفرعون الذي جحد كل آيات الله ورأى البحر ينشق أمامه كآية معجزة تخضع لها الأعناق..فما خضعت نفسه وما آمنت…
كيف عميت نفسه إلى هذه الدرجة التي تدفعه إلى الهرولة إلى البحر الذي شقته العصا المباركة بأمر ربها هربا منه هو شخصيا!! …كيف عجز عقله أن يهديه إلى هذا الأمر البديهي أن الذي استطاع أن يشق البحر قادر على أن يعيده كما كان في أي لحظة!
إنه الكبر! لقد كانت نفسه مريضة بالكبر والغرور الذي يصيبها بالتورم والانتفاخ الهائل فتعجز عن السجود لله ولو رأت آلاف المعجزات…إنها ترى الحقيقة لكنها تعجز عن التسليم لها ..هي نفس أعماها التضخم والتورم عن رؤية حجمها الحقيقي في كون الله ومدى عجزها وضعفها وقلة حيلتها واحتياجها لربها وخالقها …فلو مرض الجسد وشُفي ..فالشافي هو الدواء والعلم …هكذا تفكر النفس المتورمة ..ولو رزقها الله المال ..”فإنما أُوتيته على علم عندي” ..والطعام والماء والهواء والأرض والسماء والشمس والقمر كلها أشياء تخلقت وتطورت بتطور الذرات عبر ملايين السنين …لا شئ غير ذلك! كل الأشياء يتم تفسيرها بعيدا بعيدا عن وجود خالق تخضع له النفس وتسجد له الجباه وتشعر بين يديه بالضعف والقلة والحاجة الدائمة والسؤال والدعاء والتضرع والبكاء ..نفوسهم فوق ذلك وأعلى من ذلك!
وهي نفس ترجع في ميراثها إلى ذلك العدو الأزلي الذي وقف أمام ربه متكبرا مستنكرا: ” أأسجد لمن خلقت طينا”…”أنا خير منه ..خلقتني من نار وخلقته من طين”
فهي نفس لا ينفعها حوار العقل ودلائل الإيمان وجدال المنطق ..وصاحبها كمن سقط من السماء فتخطفه الطير وتمزقه كل ممزق بين عقل وضمير ونفس يتطاحنون في صراع دائم لا هدوء فيه ولا اطمئنان… أو كمن تهوى به ريح الضلال والهوى إلى مكان سحيق لا تستطيع حُجة مهما بلغت من قوة أن تنجيه منه!
(إن في نفوسهم إلا كبر ما هم ببالغيه)
فيارب نجنا وقنا شر نفوسنا وتقبلنا في عبادك الصالحين ..
عن الكاتبة
بكالريوس تربية قسم لغة انجليزية
دبلوم في طرق التدريس والصحة النفسية
عملت في مجال الترجمة وترجمت عدة مقالات إسلامية ..
أسست موقع www.islamicquotes.net