زواج الأم أو الأب.. لماذا يرفضه الأولاد؟
بقلم هناء المداح
يضطر الكثير من الأمهات أو الآباء إلى الزواج مرة أخرى بعد فراق رفقاء العمر بسبب الطلاق أو الوفاة، وذلك لأهداف مهمة مختلفة تعود إلى احتياجات، ورغبات، وظروف كل منهم..
وتكمن صعوبة هذا الأمر في رفض غالبية الأولاد هذا الزواج رفضا تاما، والوقوف عقبة كؤودًا لمنع إتمامه، غير مقدرين أهميته القصوى بالنسبة لآبائهم، أو أمهاتهم؛ ليستطيعوا استكمال مشوار حياتهم، وأداء رسالتهم، وواجباتهم نحوهم بنجاح..
ويعلل معظم الأولاد هذا الرفض بأنهم لا يتخيلون أزواجا آخرين مع أمهاتهم، ولا يتصورون، ولا يطيقون زوجات أخريات يأخذن مكان أمهاتهم، وينمن في فُرُشهن، ويطبخن، ويقمن على أمور بيوتهم بدلا من أمهاتهم اللائي ولدنهم، وربينهم، وتعبن من أجلهم كثيرا؛ ووراء هذا التعليل كثيرا ما يختفي سبب حقيقي آخر للرفض، وهو الخوف على الإرث والممتلكات، بأن يشارك زوج الأم أو زوجة الأب في الإرث مستقبلا، أو ينجب الأب طفلا يقتطع من الميراث، وهكذا تأتي حسابات الموت قبل حسابات الحياة، ويضطر الأب أن يعيش وحيدا مراعاة لطمع أولاده.
وقد يصل الأمر إلى خلافات شديدة لإصرار كل طرف على موقفه. فلا الأولاد يقدرون ظروف آبائهم، وأمهاتهم الراغبين في الزواج مرة أخرى، ولا من يريد الزواج من الأمهات، والآباء يستطيع العيش وحيدا، وإخراج فكرة الزواج من رأسه؛ انصياعا لرغبة الأولاد الذين يفكرون بأنانية، لا بموضوعية، ومنطق، وتعقل.
ليدرك كل ابن أو ابنة أن الله – تعالى- شرع الزواج لإعفاف الأنفس، وتحقيق السكن، والستر للرجل والمرأة، وإشباع الشهوات، وصيانة المجتمعات من شر الأمراض الفتاكة، وولادة الذرية لعمارة الأرض. فالزواج سنة الأنبياء والمرسلين، وآية من آيات الله؛ وبالتالي لا يجوز شرعًا الوقوف سدًا منيعا أمام الأم، أو الأب الذي يرغب في الزواج، ويقدر عليه بعد فراق شريك الحياة بأي حال من الأحوال.
فلا يصح البتة تحريم ما أحل الله، ولا وصف الزواج في ظل هذه الظروف القاسية والموحشة بأنه ضار، أو ظالم، أو بأنه دليل دامغ على خيانة، وغدر أحد الوالدين، وعدم وفائه وحبه لمن كان يشاركه الحياة.
إنه لأمر مؤسف أن يقاطع الأولاد أمهم، أو أباهم، ويسيئون معاملتهما – لو تزوجت، أو تزوج بأخرى.
إنه لأمر جد محزن أن يسيء الأولاد معاملة زوجة أبيهم، أو زوج أمهم، ويكيدون لهم كيدا، ويدبرون لهم المؤامرات، أو يهينونهم بأي شكل؛ عقابا على إتمام هذا الزواج الذي يرفضونه، ويحاربونه بكل قوة.
فلو وضع كل من يرفض هذا الزواج نفسه مكان أبيه أو أمه؛ لالتمس له الأعذار، وشعر بما يشعر، وقدر ظروفه، وحاجته الشديدة لذلك؛ وشجعه على الزواج بكل حب ورضا؛ حتى تستقيم حياته، وينعم بالاستقرار، والسلام النفسي، والعاطفي، والاجتماعي؛ ومن ثم يستطيع الصبر على ضغوطات، وأعباء الحياة التي يصعب مواجهتها بمفرده.
عن الكاتبة
ليسانس آداب قسم لغة عربية جامعة عين شمس
كاتبة اجتماعية
يمكن متابعة كتاباتها على صفحها على الفيسبوك