خواطر تربوية: الوقت مع الأبناء
كلنا يقول وقتنا لا يكفي لكي نجلس مع أطفالنا لنعلمهم ما نريد، ونحزن وتلك هي الحياة، ولكني أقول لا ليس الأمر كذلك، ليس المطلوب منك أن تترك عملك وحالك وتجلس مع أولادك بالساعات وربما هناك آباء يفعلون ذلك وتكون النتيجة تدمير للابن خلال هذه الساعات لأنه لا يعرف ماذا يفعل في هذه الساعات، فالمسألة ليست كمية ولكن كيفية، فقد يجمعك بابنك دقائق معدودة يسألك فيها سؤال أو يتحدث في موضوع ما فترد عليه بذكاء فتكون قد أكسبته في هذه الدقيقة ما يحاول آخرون زرعه في أطفالهم لسنوات، لذلك حاول في الفترات القليلة التي تجمعك بأبناءك فعل الآتي:
1- لا تتجاهل أي كلمة تصدر عن طفلك واعطي لها تعليقا مناسبا
2- كل موقف يحدث لك أمام أطفالك اشرح لهم الآتي:
– ما هي أبعاد الموقف
– ما هو التصرف الأمثل فيه
– لماذا تصرفت فيه بالأسلوب الذي رآك به، حاول أن تكون واقعيا ولا تكذب ولا تتحيز لنفسك وإن أخطأت وضح لابنك ما الذي دفع بك إلى هذا الخطأ لأنك بذلك تعلمه كيف يتحاشى هذه الأخطاء مستقبلا حين يقابله نفس الموقف أو موقف مماثل.
لقد تعجبت من قدرة الأطفال على التعامل مع المعلومة البسيطة التي تعطيها لهم، لأن خيالهم الواسع الخصب إن اعطيته الفرصة ليعمل في المكان المناسب قد يتوصل إلى ما لا تدركه أنت بخيالك المملوء برواسب وضغوط ومسئوليات تشغلك عن الصفاء الذهني المتاح لطفلك، المشكلة التي نرتكبها مع هؤلاء الصغار هو النهي دون ابداء أسباب والانتقاد الهدام لكل التصرفات واشعارهم أنهم أطفالا ليست لديهم القدرة على التفكير أو الابداع، والنتيجة تعطيل النشاط الايجابي لهذا العقل الصغير ودفعه دفعا قويا إلى النشاط السلبي المخرب لما حوله ولنفسه وأسرته قبل أي شئ آخر.
3- كثيرا ما يبوح الطفل أو المراهق لأحد أبويه بخطأ فعله والرد الطبيعي لنا جميعا الغضب والصراخ والشتائم والكلمات المحبطة التي يتلقاها هذا الابن الذي جاء يعترف بما فعله لك، والنتيجة أنها ستكون المرة الأولى والأخيرة لمثل هذه الاعترافات لأنك قد أعطيته درسا لن ينساه وهو أن:
– الكذب هو وسيلة للنجاة
– أنت شخص لا تؤتمن على أسراره
– مهما فعل فستكون أنت آخر من يعلم
– ستصله معلومة هامة جدا وهي: افعل ما شئت طالما أنني (الأب أو الأم) لا أعلم
أما الحل هو واحد من اثنتين لا ثالث لهما:
– أن تناقشه فيما فعله بهدوء
– أو أن تؤجل المناقشة حتى تهدأ لو كان يعترف لك بشئ يستفزك جدا، كأن تعترف فتاة لأمها أنها تعرف شابا مثلا
ضع في اعتبارك شيئا هاما جدا يخفى على كثير منا ونحن نتعامل مع ابنائنا، وهو أنهم ليسوا ملكا خالصا لنا نفعل بهم كيفما شئنا لأننا آباءهم، ولكن هم أمانة أودعها الله في بيوتنا ليرى كيف سنرعاها، ومن حقها الارشاد والنصح والنهي بالطرق التي لفتنا نظركم اليها في الجزء الأول من هذه السلسلة.
اعرف أخي أن تربية الأطفال ليست عملية فطرية تلقائية تفعل فيها وتتحدث بما يحلو لك وقتما يحلو لك، يجب أن تسمع من طفلك وتشعر بالدوافع وراء سؤاله وترد عليه بما يُقَوِّمْ هذه الدوافع على حسب الموقف، إن التربية تذكرني بقيادة السيارة، أحيانا تحتاج أن تضغط على البنزين وأحيانا تحتاج أن تضغط على الفرامل، وأحيانا يجب أن تتجه يمينا أو يسارا وأحيانا يجب أن تهدئ من سرعتك لتأخذ ملف وأحيانا تحتاج لتعود بالسيارة للخلف أما إذا تصرفت بشكل تلقائي فستجد نفسك “لابس في أول عربية” أو “محشور تحت لوري بمقطورة”، هذا بالضبط ما يحدث في التلقائية مع ابنك.