ما هي الشخصية السوية في نظام البناء العصبي الوراثي للشخصية
مقارنة بين الممارسات الحالية في الطب النفسي وعلم النفس ونظام البناء العصبي الوراثي للشخصية
في نظرية البناء العصبي الوراثي للشخصية، لا توجد شخصية تُصنّف على أنها “سوية” مقابل “مريضة” كما هو الحال في التصنيفات التقليدية. بل تقوم هذه النظرية على منظور مغاير تمامًا، يُعيد تعريف السواء والاضطراب من الجذور، بناءً على الفهم العميق للتركيب العصبي الفطري لكل شخصية. وفيما يلي مقارنة شاملة بين مفهوم “الشخصية السوية” في نظام البناء العصبي الوراثي، ومفهومها في علم النفس والطب النفسي التقليدي:
أولًا: المفهوم التقليدي (في الطب النفسي وعلم النفس)
الشخصية السوية:
هي الشخصية التي لا تُظهر أعراضًا نفسية واضحة مثل القلق الشديد، الاكتئاب، الوسواس، الاندفاعية، اضطرابات العلاقات، أو أنماط التفكير المشوّه.
تَظهر على أنها متزنة، متكيفة مع محيطها، قادرة على العمل والعطاء، وتحافظ على علاقات صحية.
يُقاس سواؤها بمدى انضباط سلوكها، وانسجامها مع القواعد الاجتماعية، وعدم تعارضها مع ما يُعتبر “طبيعيًا” إحصائيًا.
المعيار:
المعيار الأساسي هو غياب “الاضطراب” أو الأعراض المرضية، أي أن السواء يُعرف بالسلْب لا بالإيجاب (ما ليس مرضًا = سويّ).
تعتمد التشخيصات على قوائم أعراض (كما في DSM أو ICD)، ويُقيّم السلوك نسبةً إلى “المتوسط” المجتمعي أو المقبول اجتماعيًا.
النقد:
هذا النموذج لا يراعي الفروق الفردية الجوهرية في التكوين النفسي.
يُجرِّم بعض الشخصيات ذات الطباع المتميزة أو الخارجة عن المألوف (مثل الشخصية الحدية أو المعادية)، ويعتبرها مرضًا حتى لو كانت تؤدي وظائف مهمة في المجتمع.
يعتمد على نموذج تقويمي خارجي لا يرى الشخصية من داخلها، بل من منظور التوافق السطحي.
ثانيًا: المفهوم في نظرية البناء العصبي الوراثي للشخصية
لا وجود لما يسمى “شخصية سوية” بوصفها نمطًا واحدًا:
كل شخصية وراثية (حدية، نرجسية، ارتيابية، تجنبية، معادية، هستيرية، وسواسية، شبه فصامية، فصامية) خُلقت لتؤدي دورًا بيولوجيًا ونفسيًا ووظيفيًا معينًا، ولها احتياجات فطرية خاصة.
الشخصية تُعتبر سوية عندما تعيش بما يتوافق مع احتياجاتها العصبية الوراثية، أي عندما تُفهم وتُدار بالشكل الصحيح.
السواء هنا ليس “نقطة وسط”، بل انسجام داخلي بين التركيب الوراثي والسلوك الخارجي.
الشخصية “السوية” حسب النظرية:
قد تكون حدية أو نرجسية أو فصامية، لكنها تُدار بشكل صحيح.
لا تُقاس بالهدوء أو الاتزان الظاهري، بل بقدرة الإنسان على أداء دوره الطبيعي الذي خلقه الله له من خلال شخصيته.
تُظهر علامات واضحة على التوازن الداخلي، مثل:
شعور دائم بالمعنى.
انسجام في القرارات والمشاعر والسلوك.
استخدام فطري لقدرات الشخصية بدل مقاومتها.
مرونة في التعامل مع الذات والآخرين بدون إنكار للاحتياجات الأصلية.
الاضطراب في هذه النظرية:
لا يرتبط بالشخصية نفسها، بل يظهر عند:
- الجهل بتركيب الإنسان الوراثي.
- أو سوء إدارته لحياته خلافًا لاحتياجاته.
- أو ضعف تقواه ووعيه بسنن الله في الأحداث والناس.
فالشخصية الحدية مثلاً ليست مريضة بطبعها، بل إذا لم تُفهم وتُدار جيدًا، تمر بنوبات إجهاد تُفسَّر خطأً كأعراض اضطراب نفسي.
مقارنة سريعة بين النظرتين:
تعريف الشخصية السوية
المرجعية
طريقة التقييم
موقع “الخلل”
مصير الشخصيات المركبة أو غير النمطية
غياب الأعراض النفسية الظاهرة
القوائم التشخيصية (DSM/ICD)
سلوك خارجي/توافق مجتمعي
داخل الشخصية (مرض أو اضطراب)
تشخيصها كاضطراب
انسجام الإنسان مع بنيته الفطرية
البنية العصبية الوراثية والوظيفة النفسية
توافق داخلي/احتياجات فطرية
في سوء الإدارة أو عدم الفهم
فهمها كتركيبة فطرية تؤدي وظيفة فريدة
الخلاصة
في نظرية البناء العصبي الوراثي، كل شخصية فطرية هي صورة من صور السواء، بشرط أن تُفهم وتُدار بشكل صحيح. فلا توجد شخصية “أفضل” من غيرها، ولا يوجد نمط محدد يُعتبر طبيعيًا والباقي مرضًا.
الخلل لا يكمن في الشخصية، بل في جهل الناس بها، وفي سوء إدارتها، وفي بيئات اجتماعية ونفسية ترفض التنوع الفطري الذي خلقه الله في البشر