زوجة لا تردُّ يدَ لامس ماذا قال الرسول لزوجها؟
بقلم الشيخ عبد الله بن إبراهيم حبيب
جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -، فقال : إن لي امرأةً لا تَرُدُّ يَدَ لامِسٍ ؟ فقال النبيُّ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -: طَلِّقْها، فقال: إني أُحِبُّها ؟ ! قال: فأَمْسِكْها إذًا
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني – المصدر: تخريج مشكاة المصابيح – الصفحة أو الرقم: 3251
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما قال النبيُّ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – : طَلِّقْها .. كان الردّ طبيعيا لأنها لا ترد يد لامس .. فلما قال الرجل إني أحبها … قال الرسول : فأَمْسِكْها إذًا …
أصيحت مشكلة إذ كيف أن الرسول صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يأمره يإمساكها وهي لا ترد يد لامس !!!!!
ما معني لا ترد يد لامس؟؟
قال الإمام الصنعاني صاحب كتاب سُبُل السلام شرح بلوغ المرام
الْمُرَادُ أَنَّهَا سَهْلَةُ الْأَخْلَاقِ لَيْسَ فِيهَا نُفُورٌ وَحِشْمَةٌ عَنْ الْأَجَانِبِ لَا أَنَّهَا تَأْتِي الْفَاحِشَةَ وَكَثِيرٌ مِنْ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ مَعَ الْبُعْدِ مِنْ الْفَاحِشَةِ، وَلَوْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا عَنْ الْوِقَاعِ مِنْ الْأَجَانِبِ لَكَانَ قَاذِفًا لَهَا.
يقول
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ عَلَى قَوْلَيْنِ:
(الْأَوَّلُ) أَنَّ مَعْنَاهُ الْفُجُورُ، وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ مَنْ يُرِيدُ مِنْهَا الْفَاحِشَةَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ وَالْخَلَّالُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَالْخَطَّابِيُّ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَطْلِيقُ مَنْ فَسَقَتْ بِالزِّنَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُفَارَقَتِهَا.
(وَالثَّانِي) أَنَّهَا تُبَذِّرُ بِمَالِ زَوْجِهَا، وَلَا تَمْنَعُ أَحَدًا طَلَبَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ وَالْأَصْمَعِيِّ وَنَقَلَهُ عَنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ،
وَأَنْكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ، وَهُوَ أَشْبَهَ بِالْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ يَشْكُلُ عَلَى ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3] ، وَإِنْ كَانَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ.
(قُلْت) : الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فِي غَايَةٍ مِنْ الْبُعْدِ بَلْ لَا يَصِحُّ لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لَا يَأْمُرُ الرَّجُلَ أَنْ يَكُونَ دَيُّوثًا فَحَمْلُهُ عَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ
وَالثَّانِي بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ التَّبْذِيرَ إنْ كَانَ بِمَالِهَا فَمَنْعُهَا مُمْكِنٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ فَكَذَلِكَ، وَلَا يُوجِبُ أَمْرُهُ بِطَلَاقِهَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُتَعَارَفْ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ لَا يَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ كِنَايَةً عَنْ الْجُودِ
فَالْأَقْرَبُ الْمُرَادُ أَنَّهَا سَهْلَةُ الْأَخْلَاقِ لَيْسَ فِيهَا نُفُورٌ وَحِشْمَةٌ عَنْ الْأَجَانِبِ لَا أَنَّهَا تَأْتِي الْفَاحِشَةَ وَكَثِيرٌ مِنْ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ مَعَ الْبُعْدِ مِنْ الْفَاحِشَةِ، وَلَوْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا عَنْ الْوِقَاعِ مِنْ الْأَجَانِبِ لَكَانَ قَاذِفًا لَهَا.
الشيخ عبد الله بن إبراهيم حبيب
إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية
كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بطنطا
مدير مجموعة سكن ومودة ورحمة على الفيسبوك
من موضوعات الكاتب:
- من أحكام غياب الرجل عن زوجته وسفره
- زوجة لا تردُّ يدَ لامس ماذا قال الرسول لزوجها؟
- اختلاف الزوجين واحتدام الشقاق بينهما بعد سن الأربعين
- هل يجب علي الرجل أن يُخْبِرَ زوجته إن أُتِيحَ له أن يتزوج بغيرها
- لمن يهتم بموضوع تعدد الزوجات قبولا أو رفضا
- في إصلاح والد الزوجة بينها وبين زوجها .. وكيف؟!!
- حكم الشرع لقيمة المهر والشبكة والسكن والعفش
- هوسة ارحمونا من التعدد