السكر السام
تعتبر المواقع الأجنبية السكر المكرر سما قاتلا وتأثر بذلك بعض مشاهدي برامج التغذية من العرب، أما البعض الآخر فهو يردد حديث ليس له أصل وهو “احذروا الأبيضين” وهو لا يصح عن الرسول صل الله عليه وسلم.
وبشكل عام أصبح معظم المثقفين يرددون فكرة أن السكر مادة ضارة وإن كانوا لا يراعون ذلك في طعامهم على أرض الواقع.
تعتبر المواقع الطبية الأجنبية السكر المكرر سما لأن الإسراف فيه يؤدي إلى ارتفاعات وانخفاضات مفاجئة في معدلات السكر في الدم مما يؤدي إلى الجوع السريع بعد تناوله بفترة قصيرة فيؤدي للسمنة كما أنه مجهد للبنكرياس.
والحقيقة أن ما سبق مشروط بالإسراف في تناول السكر وهو ما نهانا الله سبحانه وتعالى عنه في القرآن في قوله “كلوا واشربوا ولا تسرفوا” (ارجع إلى موضوع قواعد غذائية فاصلة في القرآن)، وإذا كانت هذه الأعراض مشروطة بالإسراف فمن غير المعقول أن أطلق على السكر أنه سم لأن كل الطعام تقريبا ينقلب من مفيد إلى ضار عند الإسراف فيه.
البانكرياس في الإنسان الطبيعي لا يُجهَد من أكل السكر بالمعدلات المعقولة التي ليس بها إسراف، لأن افراز الإنسولين لهضم السكر هو وظيفة البنكرياس الأساسية ولا تجهده تماما مثل المشي على الأرجل لا تجهدها إلا إذا حدث إسراف في المشي دون سابق تدريب مما يحمل عضلات الأرجل أكثر من طاقتها وكذلك جميع أعضاء الجسم.
المشكلة تبدأ عند وجود خلل في هذا العضو يلزم المريض بالإقلال من السكر إلى درجات أقل من الطبيعي للحفاظ على البنكرياس قدر الإمكان؛ أي أن الحالة تكون مرضية لكن السكر لا يسبب المرض. وكما قلت من قبل، من غير الطبيعي أن يأكل الإنسان “صينية بسبوسة” ثم يسأل هل فيه ضرر أم لا.
مسألة السمنة الناتجة عن جوع ما بعد تناول السكر مسألة نسبية لأنه إذا كان الإنسان كثير الحركة والنشاط فهو يحتاج إلى دفقات من الطاقة السريعة التي ينتجها السكر دون تأثير السعرات الإضافية عليه لأنه يستخدمها كلها ويحولها إلى طاقة، ولو نظرنا إلى شخص آخر تجنب الأطعمة التي تحتوي على السكر المكرر وركز في النشويات أو الدهون أو البروتينات فعلى الرغم من أن هذه الأكلات تجعل الإنسان لا يجوع لمدة أطول ولكن محتواها من السعرات الحرارية أكبر، أي أن المحصلة عمليا قد تتشابه (أكل سكر مرتين خلال ساعتين يساوي أكل أطعمة أخرى مرة واحدة خلال نفس الساعتين).
والمفترض هنا أن يحرص الإنسان على نشاطه العام وأن لا يسرف في طعامه أيا كان نوعه، وأما الإنسان الخامل الكسول فسيخزن أي طعام يتناوله ولن يفلح معه تجنب الارتفاعات والإنخفاضات لمعدلات السكر في الدم.
السكر لازم لوظائف المخ لذا فإن أول علامات انخفاضه في الدم الشعور بتشوش الفكري وصعوبة القدرة على إتمام العمليات العقلية الروتينية. وأكثر من يشعر بعلاقة السكر مع وظائف المخ هم القائمين بأعمال مكتبية تحتاج لعمليات ذهنية معقدة مثل المذاكرة والترجمة والكتابة والتصميمات الهندسية والجرافكس وتصميم المواقع وما إلى ذلك، والمشترك بين هؤلاء أنهم في خضم عملهم يشعرون فجأة أنهم فقدوا تركيزهم وأنهم غير قادرين على الاستمرار بنفس الكفاءة مع شعورهم بالجوع أو بمعنى أصح الشعور بالميل لشئ فيه سكر.
السكر أيضا هو مصدر طاقة سريع ينقذ بفاعلية شخصا يقوم بمهام جسمانية تحتاج لطاقة تعينه على الإستمرار سواء موظف في عمله أو مسافر أو رياضي وهكذا.
حالات الجوع التي تنتج عن انخفاض معدل السكر في الدم يمكن التحايل عليها بتناول قطعة صغيرة من الحلوى، فهي لا تحتوي على سعرات كثيرة ولكنها ستمتص سريعا من الفم (وهي احدى مميزات السكر) وتعادل معدل السكر في الدم في خلال خمس دقائق مرة أخرى ويختفي الشعور بالجوع.