الإجهاد

الإجهاد هو عَرَض يحدث بعد يوم طويل أو عمل شاق أو أقل من ذلك أو أكثر. وكثيرا ما يتجاهل الناس هذا النداء الهام ويكملون نشاطهم وكأن شيئا لم يكن بمساعدة المشروبات الغنية بالكافيين أو التعامل مع حالة الإجهاد على أنها مسألة عارضة يجب تجاوزها حتى ولو بالتحايل عليها واعتبارها غير موجودة واستكمال النشاط بشكل طبيعي.

حالة الإجهاد تعني أن الجسم يعطي انذارا أنه بدأ يستنفذ طاقته وأن عليك أن تستريح حتى يعيد بناء نفسه لتعود بعد راحة قصيرة كما كنت، كما تعني أن مواد سامة قد تراكمت في أجهزتك وتحتاج إلى النوم الذي يساعد على تنظيف الجسم منها.

قد يكون استنفاذ الطاقة الذي أدى إلى الشعور بالإجهاد ناتج عن مرض أو نقص في عناصر غذائية أو حالة نفسية سيئة أو مجرد اجهاد طبيعي نتيجة مجهود ضخم ولكن بغض النظر عن ذلك فإن جسمك يقول لك أن شَحنُه على وشك النفاذ.

تجاهُل هذا النداء يعني أن الجسم سيسحب طاقته الاحتياطية ويبدأ افراز هرمون الضغوط وهو من مشتقات الكورتيزون الذي قد يساعدك في موقف طارئ لكن وجوده في حالة استمرار هذا الطارئ يجعل من هذا الهرمون مادة سامة في الجسم تدمره من الداخل. كما أن تراكم المواد السامة في جسمك تؤثر عليك سلبيا أيضا.

إذا اصررت على تجاهل انذار الإجهاد فإن حالتك وقتها تشبه الرياضي الذي اعتاد المنشطات حتى يجد نفسه في وقت قصير وقد قضى على مستقبله الرياضي لأنه أجبر جسمه على العمل بشكل يفوق قدرته حتى أصبح الجسم يسحب من الطاقة المخزونة في كل الأعضاء مما يتسبب في هلاكها فجأة وأحيانا بشكل لا رجعة فيه.

من آثار تجاهل انذار الإجهاد أن العمل الذي يؤديه الإنسان وهو في هذه الحالة يستغرق وقتا أطول وتقل كفاءته كما تقل المناعة فيصبح عرضة لنزلات البرد والإصابات المختلفة، إضافة إلى ذلك فإن نوم ليلة لن يعيد أبدا ما فُقد ولكن يحتاج الإنسان وقتها إلى عدة أيام يجلس في راحة تامة وغذاء غني بالفيتامينات لمساعدة الجسم على التعافي. وغالبا لا يستطيع الشخص الصبر على تضييع الوقت (من وجهة نظره) في هذه الراحة فيصبح وكأنه يعمل بنصف مجهود ويؤثر ذلك على الجهاز العصبي فيصاب بالإكتئاب ويدخل في دائرة من الضعف وعدم الإنتاج دون مبرر منطقي.

أما فترات النوم عند الإجهاد ولو كانت قصيرة فإنها تساعد على التعافي السريع وتعيد للشخص تركيزه وسرعة آداؤه وتساعده على إيجاد أي حلول لمشاكل عمله.

يقول أحد الباحثين الأجانب في مجال الموارد البشرية أن صاحب العمل عليه أن يجبر موظفيه على أخذ جميع العطلات التي كفلتها قوانين العمل وأضاف أن الأفكار المبدعة والحلول المبتكرة تأتي للشخص أثناء ممارسته نشاط يحبه.

أي أن الأفكار المبدعة والإنجازات والتفكير خارج الصندوق لا يأتي من خلال عقل مجهد ومستنزف بل عقل يأخذ حقه من الغذاء والنوم والهدوء النفسي والترفيه. طالما أنت مجهد لن نقوم إلا بالأعمال المسجلة في ذهنك وتقوم بها دون استخدام عقلك ولكنك ستكون أكثر بطأً وأطول في سرعة رد الفعل، بمعنى أنك قد تقود سيارة ولكن رد فعلك قد يكون بطيئا في تجنب سيارة أخرى وقد يؤدي ذلك إلى حوادث الطرق.

طبعا حديثي هنا عن شخص يعمل ليل نهار وأما شخص يصاب بالإجهاد من كثرة النوم والملل فهذا له موضوعات أخرى.

قد يكون تأثير الإجهاد عليك في سن الشباب يبدو وكأنه تأثير محدود ولكن عند بلوغك سن الأربعين ستجد أن صحتك تتدهور سريعا. فلا يغرك أنك تُجهد وتتماسك فخلال سنوات قليلة سيظهر التدمير الجسدي عليك ووقتها لن تستطيع أن تعكسه بسهولة إذا كان أساسا قابل للإنعكاس.