لمن يهتم بموضوع تعدد الزوجات قبولا أو رفضا
بقلم الشيخ عبد الله بن إبراهيم حبيب
أقول أولا: ليس الموضوع شغلي الشاغل مع ما له من أهمية ، وأحيانا يكون ضرورة ..
وهو عندي من الاهتمام كجانب من تزويج الأيامي كما أمر الله تعالي (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) النور ..
وكغيره من الموضوعات أدعو إليه ، مثله مثل التيسير في الزواج ، وبيان الواجبات الزوجية ، وصلة الأرحام ، وحُسْن الأخلاق … الخ
ــــــــــــــــــــــ
وعن جانب من منافع الموضوع أقول:
لا شك أنه ليس ثَمّ اختلاف علي منفعة كبيرة تعود علي الزوجة الأخرى من:
المؤانسة وعدم الوحدة .. وأن الرجل والمرأة لا يستغنيان عن بعضهما كزوجين ..
التعفف عن الزنا وما وراءه وما أمامه ..
الرّعاية والكفالة … والقيام علي حاجتها المادية والمعنوية ..
ـــــــــــــــــــــ
ما سبق من المنفعة للزوجة الأخرى – سواء كانت ثانية أو رابعة – ليس عليه اختلاف ….
أم عليه اختلاف …!!
ــــــــــــ
أمّا الزوجة الأولي فإن العيون تقع عليها وحدها رحمة بها ورأفة …
والتجاهل تماما للأخري ، كأنها كما يُقال أحيانا : (خطّافة للرّجالة)!!
ــــــــــــ
أرجو التعقل وأن نتقي الله ونعدل ، فالمرأة الأولي قد تكون مطلّقة أو أرملة ، فهي هي أي أن الزوجة الأولي هي نفسها الأخرى …!!
ـــــــ
والواقع المرْئي أننا مع الأولي عندما تكون زوجة …
وضدّها عندما تكون مطلّقة أو أرملة ….. ما قولُكُم؟!!
وقد تقول : تتزوج رجلا غير متزوج .. وأقول لك: هل تعي ما تقول: أين هذا الرجل الغير متزوج؟!! تقصد شابّا لم يتزوج من قبل؟!! .. قلّما تجد هذا الذي يرغب في مطلقة أو أرملة … ماذا إذن؟!!
ـــــــ
أما المنافع التي تعود علي الأولي كثيرة منها :
عند الإختلاف والحوار ، ربما يحتدّ لدرجة الإيلام منهما وعليهما ، فعندما يتزوج أخري فلا شكّ أن الإختلاف سيقلّ وسيتوزع اهتمامه وأعباءه بين زوجاته ، فتستطيع كل واحدة في فترة غيابه عنها أن تتنفس قليلا وتستجمّ …..
وربما تقول لي : هو زوج صالح يُكرم زوجته وهي تكرمه وستفتقده وربما تبكي علي فراقه ليلة أو ثلاثة …
أقول لك: وهذه (الأنانية) الأثرة البشعة ، تريد أن تستحوذ عليه وحدها مع ما أعطاه الله من حق في التعدد لسبب أو من غيره …
وإن كان هو برغبة في أخري وسيسعد معها …
إذا كانت الأولي تحبه فلا تضيّق عليه ، وتؤثره ، وترحم غيرها ممن تحتاج إلي زوج …..
ــــ
لعلّي أوضحتُ شيئا من الموضوع لمن لديه مشكلة معه ……
ــــــــــــــــــــ
من تحريف الكلم عن مواضعه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكثير يخلط في موضوع تعدد الزوجات بين آيتين مختلفتين لا يجوز الجمع بينهما والواضح كأنهم يؤلفون آية من عند أنفسهم جهلا منهم واستهتارا
يقولون: (وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ولن تعدلوا ….) !!
وأنصح لك : إذا لم تكن علي علم لا تتقوّل علي الله ما لم يقل … فإن هذا كذب علي الله
وإذا كان الرسول ﷺ قال (إنَّ كَذِبًا عليَّ ليس ككذبٍ على أحدٍ ، فمن كذب عليَّ مُتعمِّدًا ، فلْيتبوَّأْ مقعدَه من النَّارِ)
فما البال بكذب علي الله ﷻ
الأولي (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ….. (3) النساء ) تختلف عن الثانية تماما
(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (129) النساء )
وإليكِ الشرح :
المقصود في الآية الأولي العدل الظاهر الذي لا يُعذر فيه الرجل وهو في شيئين النفقة والمبيت ..
أما الموضع الآخر الذي ينفي الإستطاعة في العدل فالمراد به العدل المطلق من كل الجوانب ومنه الميل القلبي العاطفي (الحُب) فهذا لا يستطيعه الرجل لذلك تأمّل هذا الحديث: (عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ فَيَعْدِلُ، ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أملك»، يعني القلب.
وإليك ما في تفسير الإمام ابن كثير في الآية
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}
أَيْ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْ تُسَاوُوا بَيْنَ النِّسَاءِ مِنْ جميع الوجوه،
فإنه وإن وقع الْقَسْمُ الصُّورِيُّ لَيْلَةً وَلَيْلَةً فَلَا بُدَّ مِنَ التَّفَاوُتِ فِي الْمَحَبَّةِ وَالشَّهْوَةِ وَالْجِمَاعِ كَمَا قَالَهُ ابن عباس ومجاهد والضحاك.
وجاء فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السنن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ فَيَعْدِلُ، ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أملك»، يعني القلب.
وَقَوْلُهُ: {فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ} أَيْ فَإِذَا ملتم إلى واحدة منهن فلا تبالغوا في الميل بِالْكُلِّيَّةِ {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} أَيْ فَتَبْقَى هَذِهِ الْأُخْرَى معلقة،
قال ابن عباس وآخرون: معناه لا ذات زوج ولا مطلقة؛
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شقيه ساقط» (رواه أحمد وأصحاب السنن)
وقوله تعالى: {وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} أَيْ وَإِنْ أَصْلَحْتُمْ فِي أُمُورِكُمْ، وَقَسَمْتُمْ بِالْعَدْلِ فِيمَا تَمْلِكُونَ، وَاتَّقَيْتُمِ اللَّهَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ مَا كَانَ مِنْ مَيْلٍ إِلَى بَعْضِ النِّسَاءِ دُونَ بَعْضٍ ….
ـــــــــــــــــــــــــــ مختصر تفسير ابن كثير
المؤلف: (اختصار وتحقيق) محمد علي الصابوني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلمات في تعدد الزوجات
ـــــــــــ
– لماذا ينكره البعض؟!!
– هو مباح وليس فرضا
وقد يكون فرضاً مثله مثل حكم الزواج عموماً تسري عليه الأحكام الخمسة
– الحكمة منه الحاجة وليس الضرورة
وقد تكون الضرورة
حاجة الرجل إلي امرأة
وحاجة المرأة إلي رجل
– تراعون حق المرأة ومشاعرها وهي زوجة
وتظلمونها بقسوة وهي عزبة (ليس لها زوج)
هي هي نفسها
الزوجة الواحدة مع الرجل مات زوجها أو طلقت أو لم تتزوج من قبل
تحكمون عليها بسجن الوحدة وما فيه من عذاب وألم نفسي .. إنها تحتاج
إلي حُضن الرجل ورحمته والأنس به ….
ربما تقولون: تتزوج رجلا غير متزوج
وأقول: هذا الكُفء غير موجود …. !!
– من حق المرأة أولي أم أخري أن ترفض …. فلا تُكْره علي العيش أو علي الزواج
فإذا رضيت فلا تكرهونها علي المنع ….!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكنتُ قد كتبتُ هذا الحوار منذ فترة وأعيده وأكرره لما فيه من الفائدة
أنتِ غير متزوجة ( عزبة ، مطلقة ، أرملة ) حضر إليك من يخطبك للزواج
وهو متزوج وهو كفءٌ لكِ ولديه القدرة و العدل فهل تقبلين الزواج ؟
– لا . لا أقبل.
– لا تكابرين ولا تعاندين أمام نفسك ……
– فيكِ صراع داخلك
– فيكِ فطرة تصْرُخ لأن تكوني زوجة …!!. لأن تكوني أمّاً …!!
أن تظلّين غير متزوجة ويكبر سنك ويطول العمر والوحدة والفراغ ؟؟!!
أم تكونين شريكة لزوجة ( أختاً لك ) في زوج ؟؟
– أيها تختارين ؟؟!!
***
– علي أي حال إن كرهتِ وأبيْت ِأن تشاركَكِ أخرى في زوجك فهذا لك ، هذا حقك .
إن كنتِ الأولى سترغبين في الطلاق !! …. ففكري فيما بعد ….
وإن كنتِ الأخرى ستختارين أن تكوني من غير زوج !! …
وتأملي في مصيرك ..
***
والواجب عليك أن لا تُحرّضي غيرك علي فعلك أو تُسفّهي تشريعاً أباحه الله ..
– وبدهيٌّ أن المشكلة ليست في تشريع أباحه الله وإنما في نفوس رجال ونساء …
رجال يسيئون إستخدام الحق المشروع في الفعل ….
ونساء يُسئن التعامل مع التشريع الحكيم في الرفض ….
ورجال ونساء آخرون يسيئون المعاشرة أثناء العلاقة الزوجية من الظلم والغيرة المفرطة
والأثرة (الأنانية).!!
الشيخ عبد الله بن إبراهيم حبيب
إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية
كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بطنطا
مدير مجموعة سكن ومودة ورحمة على الفيسبوك
من موضوعات الكاتب:
- من أحكام غياب الرجل عن زوجته وسفره
- زوجة لا تردُّ يدَ لامس ماذا قال الرسول لزوجها؟
- اختلاف الزوجين واحتدام الشقاق بينهما بعد سن الأربعين
- هل يجب علي الرجل أن يُخْبِرَ زوجته إن أُتِيحَ له أن يتزوج بغيرها
- لمن يهتم بموضوع تعدد الزوجات قبولا أو رفضا
- في إصلاح والد الزوجة بينها وبين زوجها .. وكيف؟!!
- حكم الشرع لقيمة المهر والشبكة والسكن والعفش
- هوسة ارحمونا من التعدد