البناء العصبي الوراثي للشخصيةكيف تتعامل مع هذه الحالات؟نفسية

لماذا يُعدّ نظام البناء العصبي الوراثي للشخصية بديلاً أكثر فاعلية في عمليات التوظيف والموارد البشرية؟

في عالم الأعمال اليوم، يُعدّ اختيار الموظف المناسب في المكان المناسب هو حجر الأساس لأي مؤسسة ناجحة. وقد تطورت أدوات التوظيف والموارد البشرية عبر السنوات، بدءًا من السيرة الذاتية والمقابلة الشخصية، مرورًا بالاختبارات النفسية السلوكية كـ MBTI وDISC، وصولًا إلى تحليلات الأداء واختبارات الذكاء العاطفي. ومع ذلك، ما زالت المؤسسات تعاني من تحديات مزمنة مثل:

  •  ارتفاع معدلات الدوران الوظيفي.
  •  انخفاض رضا الموظفين رغم كفاءتهم.
  •  صعوبة التعامل مع بعض الشخصيات داخل الفريق.
  •  فشل التنبؤ بتطور بعض الموظفين رغم تألقهم المبدئي.

كل هذه الإشكاليات تشير إلى نقص جذري في فهم الإنسان، ليس فقط كسلوك ظاهر أو مهارات قابلة للتعلّم، بل كبنية نفسية وفطرية عميقة تحكم الأداء والدافع والانسجام.

وهنا يأتي نظام البناء العصبي الوراثي للشخصية، كنموذج ثوريّ يقدم حلاً متكاملاً ودقيقًا لإعادة هيكلة مفهوم التوظيف وفهم العامل البشري في المؤسسات.

 أولًا: ما هو نظام البناء العصبي الوراثي للشخصية؟

هو نظام علمي نفسي طوّرته الباحثة أ. داليا رشوان، ينطلق من فرضية أن الإنسان يُولد ببنية عصبية وراثية ثابتة، تحدد طريقة تفكيره، مشاعره، دوافعه، انفعالاته، وطريقة تفاعله مع الواقع.

لا يُصنّف الإنسان على أساس “الأنماط المكتسبة” أو “التصرفات اللحظية”، بل يُحلل عمقه النفسي والفطري، ويُحدّد شخصيته الوراثية من بين تسع شخصيات رئيسية، قد يجتمع في الفرد منها اثنتان أو ثلاث، مشكلةً تكوينًا نفسيًا فريدًا له احتياجاته الخاصة وطريقة أدائه المثلى.

ثانيًا: ما المشكلة في أنظمة التوظيف التقليدية؟

رغم استخدام المؤسسات لاختبارات سلوكية متنوعة، تبقى هذه الأدوات محدودة لأنها:

  1. تقيس المظهر لا الجوهر:

تعتمد على ما يُصرّح به المتقدم أو يظهر في لحظة المقابلة، لا على بنيته الحقيقية.

  1. تتأثر بالمزاج والتوقعات:

يمكن للمرشح تغيير إجاباته في اختبار MBTI أو DISC ليتماشى مع ما يظنه “مطلوبًا”.

  1. لا تراعي التداخلات الشخصية المعقّدة:

تصنّف الشخص كنوع واحد، في حين أن الشخصيات البشرية غالبًا مركّبة ومتعددة الأبعاد.

  1. تفترض أن “الهدوء، الاجتماعية، الدقة…” معايير كافية للنجاح، بينما قد يفشل الهادئ في المفاوضات، وتُرهق الاجتماعية في التحليل العميق، وتُقيّد الدقيق في بيئة متغيرة.

 ثالثًا: ماذا يقدّم نظام البناء العصبي الوراثي للمؤسسات؟

  1. تحليل دقيق للموظف من الداخل

عبر أسئلة محددة وملاحظة نمط الاستجابة، يمكن للمحلل في هذا النظام تحديد الشخصية الوراثية للفرد، بما يشمل:

  •  نوع تفكيره (شامل – تحليلي – حدسي…)
  •  درجة حساسيته العصبية
  •  سرعة انفعاله
  •  نمط تعامله مع التوتر
  •  احتياجاته النفسية الخفية
  •  طريقة استجابته للأوامر أو الاستقلال
  •  قدرته على العمل الجماعي أو الفردي
  1. تحديد الوظائف المناسبة لكل شخصية

كل وظيفة لها متطلبات نفسية خاصة. وليس كل شخص مناسب لها حتى وإن امتلك المهارة.

في النظام الوراثي:

  •  الشخصية النرجسية = تخطيط استراتيجي، قيادة، علاقات عامة.
  •  الشخصية التجنبية = البحث، التدقيق، المشاريع الفردية، ضمان الجودة.
  •  الشخصية الحدية = المهام الإبداعية، التفكير متعدد الطبقات، بناء الأنظمة الجديدة.
  •  الشخصية المعادية = الأمن، استرداد الحقوق، الرقابة على الامتثال.
  •  الشخصية الوسواسية = المهام المتكررة التي تتطلب انضباطًا وصرامة.
  1. تجنب الهدر البشري والمالي

عبر هذا الفهم، يُجنَّب:

  • توظيف غير المؤهلين نفسيًا لمهام تستنزفهم.
  • ترقية من لا تناسبه القيادة.
  • إقصاء موظف مميز لم يُفهم نفسيًا.
  • خسارة موظف كفء لأنه وُضع في بيئة لا توافق تركيبه.
  1. حل النزاعات الداخلية بأسلوب بنائي

عبر تحليل تركيبة كل فرد في الفريق، يمكن فهم أسباب الخلافات العميقة وتفسيرها، لا باعتبارها سوء نية أو ضعفًا، بل نتيجة تباين في البنى النفسية.

مثال:

شخص حدّي يحتاج إلى التعمق والانفراد أحيانًا قد يُتهم من رئيسه النرجسي بالإهمال، بينما المشكلة أن الرئيس لا يفهم احتياجات الموظف.

بفهم الشخصيتين، يُعاد توزيع المهام وتقنين التواصل، فتختفي المشكلة دون صراع.

 رابعًا: مزايا النظام مقارنة بأنظمة HR التقليدية

 

المعيار

ما يُقاس

ثبات النتيجة

دقة التوظيف

معالجة المشكلات الداخلية

التعامل مع بيئة العمل

الأنظمة التقليدية

السلوك والمهارات

متغيرة حسب الحالة

تقريبية

تدريب سلوكي عام

موحدة للجميع

البناء العصبي الوراثي

البنية النفسية الفطرية

ثابتة مدى الحياة

عالية الدقة بنسبة توافق شخصية/وظيفة

تحليل نفسي دقيق لكل طرف

تُخصّص حسب تركيب الشخصية

خامسًا: تأثير النظام على إدارة المؤسسة ككل

  1. زيادة الإنتاجية:

الموظف حين يعمل بما يتماشى مع بنيته، يُنتج أكثر ويرهق أقل.

  1. انخفاض الدوران الوظيفي:

لأن الموظف يشعر بالراحة والانسجام في موقعه.

  1. تحسّن العلاقات داخل الفريق:

إذ يفهم كل شخص الآخر نفسيًا قبل أن يضع افتراضات أو أحكامًا.

  1. تقليل الاعتماد على الحلول السطحية:

مثل المكافآت المؤقتة أو “الكوتشنج” المكرر، لأن الحل يكون جذريًا ودائمًا.

خاتمة

في الوقت الذي تبحث فيه المؤسسات عن أدوات حديثة لإدارة المواهب البشرية، يقدّم نظام البناء العصبي الوراثي للشخصية تحولًا حقيقيًا في فهم الإنسان داخل بيئة العمل.

فهو لا يضع الناس في قوالب، بل يكشف الخريطة الفطرية لكل فرد، ويمنح المؤسسات قدرة غير مسبوقة على توزيع الأدوار، حل النزاعات، واستثمار الطاقات.

إنه ليس فقط أداة للتوظيف، بل نظام لإدارة البشر كما خُلقوا، لا كما نريدهم أن يكونوا.

 

اظهر المزيد

داليا رشوان

هذا الموقع هو عالمي الخاص الذي أردت أن أنشر من خلاله مشاهداتي والنتائج التي توصلت لها من خلال بحثي المستقل كما أضفت للموقع بعض الأقسام العلمية التي أقصد بها زيادة الوعي والتثقيف العلمي في عالمنا العربي. دراستي الرئيسية طبية وهي الكيمياء الحيوية ومنها تعلمت ما يتعلق بالنفس البشرية بأسلوب علمي تطبيقي وليس فلسفي، مما جعلني أخرج بأساليب عملية تجمع بين العلم والشرع لتيسير الحياة على الناس وإيجاد وسائل السعادة والرضا لهم. للمزيد عني يمكن زيارة هذه الصفحة: عن الكاتبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
×

مرحبا!

للحالات التي تحتاج دعم نفسي واستشارات أسرية (بواسطة التليفون أو برامج الاتصال الصوتية) يمكن التواصل والحجز واتس أب

× تحدث معى عبر واتس أب