تربوية
خواطر تربوية:اسناد المهام
24/04/2007
بقلم داليا رشوان
إن الأطفال في مرحلة من مراحل عمرهم يريدون تقليد الأم فيما تفعل، وبدلا من أن تستفيد الأم من ذلك فإنها تنهاه عن هذا الفعل وتحاول اعطاءه لعبة لاسكاته ومع الوقت يتخطى تلك المرحلة ولا يبدي أي اهتمام لمساعدة الأم في الوقت الذي اصبح كبيرا بشكل كافي لعمل تلك المهام، وكان على الأم من البداية الانجراف وراء فضول ابنها ورغبته في تقليدها، فإذا أراد أن يأخذ المكنسة لكنس الغرفة تشتري له فرشة وجاروف صغير وتتركه يقلدها وتشيد به بعد انتهاءه، ولكن لا تضغط عليه لفعل ذلك مرة أخرى لأن الضغط يسبب النفور، وإذا أراد الامساك بالأطباق والملاعق في المطبخ فمن الممكن وضع الأطباق البلاستيكية والحلل المعدنية وتتركه ينظمها وهي بجانبه، فاعتياد الطفل على المشاركة يعطيه القابلية بعد ذلك للمساعدة في مهام البيت ويجعله سعيدا بتحمل المسئولية في المنزل كشخص بالغ.
حين يكبر الأولاد يمكن اسناد بعض المهام لمساعدة الأم وذلك على أنها لعبة لطيفة دون اشعار الطفل بها، مثلا غسل جواربه أو حذاءه أو شنطة المدرسة التي يستخدمها وذلك بوضع ماء في وعاء كبير في مكان فسيح (في الحمام مثلا أو المطبخ على حسب المساحة)، فيظهر الأمر على أنه موعد اللعب في الماء، مثال آخر: غسل الزرع ببخاخة المياه، ويمكن لكل الأم الابداع في المهمة التي تسندها لأبناءها فالبيت فيه الكثير.
ومن فوائد هذه المهام أنها:
· تُشغِل الطفل بشئ مفيد
· تجعل الطفل يعتاد المساعدة في البيت
· تفرغ من طاقته الذهنية التي قد تنقلب إلى عدوان على اخوته أو حتى والديه إذا وجد نفسه في فراغ قاتل وملأه بطريقته الخاطئة كلعب ألعاب الكمبيوتر التي بها عنف أو شاهد مواد تليفزيونية على نفس الوتيرة أو خرج للعب في الشارع مع أصدقاء سوء، لأن أصل جميع الخصال السيئة في الكبار والصغار هو الفراغ الذي يقتل كل ابداع وكل ايمان بالله فهو الملعب الفسيح الذي يستخدمه الشيطان ليقود عقلك يمينا ويسارا كما يحب وينقلك من معصية لمعصية ويسلبك القدرة على المقاومة، أما الانشغال بما يفيد فهو تمرين للعقل على العمل الدائم ومن يعتاد العمل من صغره ينتقل إلى المرحلة اللاحقة إلى عمل آخر يناسب المرحلة وينمو داخله القدرة على بناء الطموحات والأهداف المثمرة، و بمساعدة بعض التقويم بزرع مراقبة الله في الطفل يصبح رجلا يعمل بطاقة هائلة ليس لديه وقت للتفاهات وكل عمله وطموحاته موجهة لاعلاء شأن أمته طلبا لرضا الله وحتى يفوز بلقب “محسن” عن الله لأن الاحسان هو أعلى مراتب الايمان والمحسن لا يخرج شئ من تحت يده إلا وهو على أكمل وجه يستطيعه هذا الشخص.
هناك شئ آخر لاحظته وهو أن الضغط بشكل غير مباشر في بعض المهام الخاصة بالعناية الشخصية يجعل الطفل يتعلم بسرعة، فلأني عصبية بعض الشئ كنت أحمل أولادي وهم في مرحلة ما قبل الحضانة مثلا مسألة أن يرتدوا ملابسهم وحدهم، فقد كنت أقول “إذا كنتم تريدون أن تذهبوا للعب في النادي الآن فعليكم أن ترتدوا ملابسكم في خمس دقائق وإلا لن نخرج”، وقتها لم أكن أعرف ما أفعل ربما كنت وقتها مجهدة جدا أو أريد أن أتحجج لعدم الخروج ولكنهم لم يتركوا لي حجة وفعلوها تحت ضغط ثم بعدها اعتادوا ذلك، حتى أن ابني حين كان في السنة الأولى من مرحلة الحضانة جاء لي فخورا أنه هو الوحيد من بين زملاءه الذي يستطيع أن يرتدي ملابسه وحده دون مساعدة أمه. وهكذا في بعض المهام المتعلقة بترتيب الغرفة أو وضع أدوات الأكل في المطبخ بعد الانتهاء منه.
لقد تعلمت من هذا الموقف أنك قد تستغل رغبة ابنك في شئ وربطه شرطيا بمهمة، ليس بالعنف أو بإشعار الطفل أنه فرض عليه ولكن قد يكون ذلك بإشعاره أنك قليل الحيلة وأن الأمر ليس بيدك فتدفعه إلى أن يفكر كيف يخرج من هذا الموقف ويصل إلى الشئ الذي يحبه.