تأثير البلاسيبو (العقار الإيحائي)
هذا التأثير يعتبر من أغرب الظواهر التي تقابل الباحثين أثناء القيام بأبحاثهم الطبية.
عند إجراء البحث يُعطى لمجموعة من المرضى الدواء الذي تتم تجربته ومجموعة أخرى تُعطى عقار إيحائي أو بلاسيبو وهو خالي من أي مادة فعالة ومكوناته تكون مثل سكر أو دقيق أو ماء مقطر أو محلول ملح وما إلى ذلك.
كل المشاركين في التجربة لا يعرفون من منهم يأخذ العقار محل التجربة ومن يأخذ العقار الإيحائي.
ما هو غير طبيعي أن هناك عددا معتبر في كل تجربة يتأثر بالعقار الإيحائي فيُظهر أعراضا مشابهة لمفعول الدواء وبعضهم يَشفَى وبعضهم تحدث له آثار جانبية وكأنه يأخذ الدواء الفعلي.
من الأمراض التي ظهرت فيها هذا التأثير بوضوح أبحاث الاكتئاب والألم واضطرابات النوم
ومتلازمة القولون العصبي وإنقطاع الطمث والربو.
أوضحت الموسوعة الطبية الالكترونية WebMd أن البلاسيبو يُعطِي النتائج التي يتوقعها المريض فإذا توقع المريض الشفاء يشفى وإذا توقع أن تحدث له آثارا جانبية تظهر عليه بالفعل. وأضافت أن الأطباء لم يستطيعوا أن يقوموا بالتفرقة بين تأثير الدواء وتأثير البلاسيبو وأن هناك محاولات للإستفادة من هذا التأثير.
في رأيي، هذه الظاهرة تؤكد على قوة العقل وقوة الاعتقاد وقوة الإيمان. وعلى الرغم من أن هذا الموضوع ضخم جدا وإن شاء الله سأقوم بعمل محاضرات مرئية لشرحه بشكل مستفيض إلا أن تأثير البلاسيبو ببساطة يدل أنك تستطيع أن تُمرض نفسك وتستطيع أن تُخرج نفسك من دائرة المرض.
تستطيع أن تبدو أكبر من سنك وأنت في العشرينات وتستطيع أن تظل شابا وأنت في الستينات. قد تذهب إلى طبيب ويعطيك دواء ليس ذو فاعلية قوية ولكنك تشفى منه لأن الطبيب عاملك بشكل إنساني فتخرج من عيادته وأنت تشعر بتحسن حتى قبل أن تأخذ الدواء والعكس صحيح. بمعنى أن مجرد معاملة الطبيب لك قد تحسن من حالتك وهذا حديثي لكثير من الأطباء الذين يتعالون على مرضاهم ويتعاملون معهم بشكل تجاري نفعي طمَّاع دون أدنى رحمة أو إنسانية.
هذا أيضا يفسر مسألة فقد الثقة العام في الأطباء والذي أدى إلى ضعف فاعلية كثير من العقاقير. إذا كنت تعتقد أن الطبيب ليس مجيدا لتخصصه بسبب تجارب سابقة مع أطباء آخرين فستعطي إشارات لجسدك أن هذا الدواء لن يكون له فائدة، ومهما شفيت ستشعر بالآلام السابقة وكأن شيئا لم يكن. وقد تذهب لطبيب آخر ويقوم بعمل تحاليل فيجدك قد شفيت تماما فلا تشعر بالشفاء وتَراجع الألم إلا بعد أن تسمع ما يدل على ذلك.
هي مواقف يومية من الحياة رأيناها جميعا ولكن هذه الحقيقة تستدعي أن نستفيد بها في حياتنا ولو في المواقف اليومية التي تقابلنا.
إذا اعتقدنا أن كل ما يحدث لنا شر فسنصاب بالاحباط والاكتئاب وسنضيع حياتنا انتظارا للفرج الذي لن يأت إلا من عقولنا لأن الله سبحانه لو غير الدنيا وأنت على تشاؤمك فستظل متشككا ولا ترى إلا السواد. وأعرف شخصيات شديدة التشاؤم وكل ما تقوله من شر يحدث عكسه وهي كذلك منذ سنوات طويلة ومهما حدث من خير فهو لا يثنيها عن تشاؤمها ولو ظهر ألف دليل أنه فكر غير منطقي وغير واقعي وغير موضوعي. وتظل حياة هذه الشخصية في ظلام مِن صُنعها مهما غمرها النور.
أما إذا كنت ممن يؤمن بالآية الكريمة: “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” [البقرة -216] فسترى أفعال الله وسننه في كل موقف ولن ترى ظاهره من الأذى وستبقى مستبشرا بالله مهما حدث.
فإن كنت مؤمنا بالله وبآياته في القرآن حق الإيمان فحين تقرأ القرأن ستستبشر وتفرح وتخرج من كربك لأنك واثقا في الله وفي كلامه وحين يقص القرآن عليك نبأ الأولين والآخرين وحين يسرد لك سنن الله عز وجل في الأرض ستفهم أن الفرج قريب وسيبدأ الفرج من داخلك قبل أن يبدأ خارجك وثقتك هنا لن تذهب سدى. أما إن كنت تقرأ فقط لتُحصِّل بعض الحسنات وثقتك ويقينك في الله ليس على الوجه المطلوب فلن يؤثر فيك كثيرا.