كارثة التفسيرات العلمية للسنة
كل فترة تخرج علينا حملة توعية بوجوب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة في الطعام يتبعها تفسير علمي لسبب هذا الوجوب.
وتأملت في تلك التفسيرات العلمية فوجدتها ما هي إلا إختلاقات لا معنى علمي فيها ومنها على سبيل المثال أن المياه حين تشربها على مرة واحدة تؤدي إلى تليف في الكبد لأنها باردة، فتبادر إلى ذهني أول سؤال وهل الآيس كريم حرام؟؟ فهو أولى أن ينتج عنه تليف الكبد إذا كان التليف ينتج عن البرودة بسبب المأكولات!!
هل ورد حديث في النهي عن أكل وشرب المثلجات؟ ولمن لا يعرف فقد ورد حديث في النهي عن أكل الطعام وهو ساخن.
قد يتبادر إلى ذهنكم أن وقتها لم يكن هناك تبريد وردي على ذلك هو أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان لا ينطق عن الهوى وسنته تصلح لكل زمان ومكان وفيها حساب لكل الظروف لذا كان يمكن أن يكون هناك حديثا مثلا عن النهي عن أكل وشرب كل ما اختلت حرارته بالزيادة أو النقصان وهذا لم يحدث.
والأدهى من ذلك أن النبي قد ورد عنه الشرب على ثلاث مرات والشرب على مرة واحدة فلو كان الأمر سيسبب كارثة للأمة مثل تليف الكبد ما كان الرسول عليه الصلاة والسلام ليتساهل في هذا الأمر ويشرب على مرة واحدة.
ما لاحظته واختبرته في مسألة شرب المياه والله أعلم أن اعتياد شرب المياه مرة واحدة قد يؤثر على المرئ على المدى الطريل بالضبط مثل ما لاحظت عدم ارتياح في الأكل والهضم حين أضطر للأكل وأنا في وضع الوقوف أما الأكل في وضع الجلوس فيحمي من هذا الإحساس بعدم الراحة بغض النظر ماذا يعني عدم الراحة.
على الجميع أن يفهموا أن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام علينا أن نتبعها ونحن في داخلنا نعلم مهما كانت الأسباب العلمية أنها لصحتنا وراحتنا.
ما أراه أن من يخترع تفسيرات علمية للسنة بلا أدنى أساس علمي يظن أنه يخدم الأمة وأنه يدفعها لما فيه خير أو إذا نظرت بسوء نية للأمر فهو تشويه عن عمد للسنة حتى يضحك علينا أعداء هذا الدين.
وإذا أخذنا الأمر على أنه حسن نوايا فهو يؤدي في الحقيقة إلى كارثة لأن هناك العديد مِن الناس مَن لديه علم يستطيع به أن يفرق بين الكلام الفارغ المختلق وبين تفسير علمي منطقي أو على أقل تقدير معتبر، ووقتها قد يتجاهل هذا الشخص السنة لأن تفسيرها غير منطقي وقد يمشي في الناس بهذا المفهوم فيكون الرجل بألف. وذلك على الرغم من أنه في حقيقة الأمر لا أحد حتى هذه اللحظة استطاع أن يفسر فوائد كثير من السنن وأبعاد تأثيرها وذلك لقلة علماء المسلمين أو لقلة العلماء المسلمين الذين يعملون لله وخير الأمة بدلا من مجدهم الشخصي وشهرتهم وحتى يقال عنهم علماء.
متى نصدق هذه التفسيرات؟؟
عندما يخرج علينا متخصص مسلم نعرف أنه عالم في مجاله مثل د. جميل الدويك في التغذية أو د. زغلول النجار في الجيولوجيا مثلا ويشرح لنا الأمر سواء على موقعه أو في فيديو أما تناقل الرسائل مجهولة المصدر بين الناس فهو الأكثر اضرارا بالسنة وبالأمة مهما كان ما وراءها من حسن النوايا.
الشيخ الجليل محمد متولي الشعراوي كان يرفق بعض الكلام العلمي في تفسيراته ولكنه كان يقوم بدراسة ما يقول ولم يقل كلمة علمية واحدة غير منطقية فكان حديثه يزيد من احترام العلماء لشخصه لأنه ظهر أنه رجل مجتهد فيما يفعل ومتأمل في كل ما حوله وإن رغب في تعزيز كلامه بشئ من العلم فهو يكون فقيها أيضا فيما يقول وهكذا يجب أن يكون كل المسلمين.