الخلاف على راحمي الحيوانات
بدأت مؤخرا إضافة جمعيات الرفق بالحيوان وبعض الأصدقاء من محبي الحيوانات في حسابي على الفيسبوك لمتابعة أنشطتهم، ولكن لأول مرة يلفت نظري بعض المواقف التي كنت أريد أن أعرف أسبابها، وعاد إليّ تساؤل كان يراودني منذ سنوات؛ لماذا نجد الأجانب غاية في الرحمة بالحيوان في حين أنهم لا يرحمون الإنسان؟ كان ذلك تناقض لا أفهمه لأنه من وجهة نظري أن من في قلبه رحمة بالحيوان من الطبيعي أن يرحم الإنسان لأن الإنسان أولى.
ثم توصلت إلى السبب المنطقي الذي يجعل ليس فقط الأجانب ولكن نسبة كبيرة من محبي الحيوانات يكرهون البشر. المسألة بالفعل ظهرت لي منطقية بعد طول تفكير بعد أن اكتشفت أنني كنت أفكر من زاوية خطأ، فقد كنت أعتقد أن حب الحيوانات يحتاج قدرات معينة إذن من لديه هذا الحس المرهف أولى به أن تتحرك مشاعره تجاه الإنسان، هذا ما نراه جميعا لكن الأمر بالفعل مختلف إذا فكرت وعايشت محبي الحيوانات.
إن اهتمامك ومعايشتك للحيوانات مهما كانت (كلاب، قطط، خيل، بهائم) وقربك منها تضفي على حياتك بهجة غريبة فهذه الحيوانات تمتص طاقتك السلبية؛ فقد تعود من عملك محمل بالأعباء فتجد الحيوان الذي تربيه يستقبلك بأفعال رائعة تنسيك همك، كما أن الحيوانات تجعلك تفهم معنى البراءة المطلقة التي لن تجدها أو تشعر بها مع أحد؛ براءة وصدق وبهجة وحب، مشاعر لا تجدها مع بني البشر. كما أنك لن تجد خلافا يدب بينك وبين الحيوان في مسائل عقائدية أو حيوية بل يسير معك إلى النهاية على نفس الطريق.
إذا عشت كل ذلك ثم رفعت رأسك لتنظر للبشر سوف تكرههم جميعا ما لم تكن تفهم كيف تقبل الناس على إختلافهم معك وكيف تقبل أن البشر جميعا وأنت من ضمنهم ليسوا مثاليين وعليك أن تتعامل مع الجميع على عيوبهم (طبعا بإستثناء عيب يضطرك إلى إنهاء العلاقة سواء كانت صداقة أو صلة قرابة أو زواج أو شراكة عمل).
على الناحية الأخرى يقع التيار الإسلامي وعلى الرغم من أن ديننا يحثنا على الرحمة بالحيوان ومن المفترض أنهم أولى الناس تشجيعا لذلك إلا أنهم في هذه الفترة هم أكثر الناس نقدا لمحبي الحيوانات وذلك لسبب وجيه وهو أن غضبهم مما يحدث لهم من ظلم علا على تقبل فكرة أن من هم على خلاف معهم لا تتحرك مشاعرهم تجاه قضيتهم العادلة بل ويهتمون بالحيوان أكثر منهم.
إن فهمك لهذه المشاعر الإنسانية المنطقية يجعلك تنظر للأمور ببساطة أينما كانت زاوية رؤيتك.
كلمتي لمحبي الحيوانات من كارهي البشر: حياتك لن تصبح أفضل وأنت تكن مشاعر سلبية تجاه البشر الذين تتعامل معهم يوميا. لن يصبح طباع البشر مثل طباع الحيوانات ولو وجدت مبتغاك لمللتهم، فكل شئ خلقه الله له دور في حياتك مختلف عن الآخر، وحتى أنت لست كاملا ولك طباع قد تكون مؤذية لغيرك، فتقبل البشر على اختلافهم وعيوبهم حتى يتقبلك الناس بدورهم، واستقي من الحيوان الذي تحبه وتربيه المشاعر الإيجابية التي تحبها ولكن الله لم يخلقنا حتى نستريح وننعزل ولكن ابتلاء لنا واختبار ماذا سنفعل وكيف سنتصرف في المواقف المختلفة.
أما كلمتي للمنتمين للتيار الإسلامي: أحمد الله أنه سبحانه قد سخر من الأقوام من يهتم بحقوق الحيوانات التي أمرك الله بالرفق بها إلى أبعد الحدود، وإلا كنت مطالبا بأن تقوم بذلك بنفسك وأنت في قمة الإبتلاء، أي أن الله سبحانه وتعالى قد خفف عنك بهم. ولا تنتظر نصرة من أحد فالنصر من عند الله ولن تفعل سخريتك من محبي الحيوانات شيئا إلا بث روح كارهة للحيوان نكاية في محبيهم ولن يرضى عنك الله بذلك.
ملحوظة: لم اذكر من لا يرحمون بشر ولا حيوان ولا حتى أنفسهم لأنهم لا يستحقون .. كما أنني لا انفي أن هناك جزء ليس بقليل من محبي الحيوانات يحبون البشر أيضا ويساعدهم وبعضهم محسوبون على التيار الإسلامي وأن هناك من التيار الإسلامي من لم تغلبه مشاعر الغضب وظل على مبدأ الرحمة بالجميع.
تعريف التيار الإسلامي بمنظور المرحلة الحالية: هو كل شخص أسلم نفسه لله وظهر عليه مظهر وأفعال تدل على ذلك وأخذ على عاتقه هم أمته فيدافع عنها فعلا وقولا أينما ذهب.