قصة رزق الله لعصافير بادجي أربيها
منذ أن كنت صغيرة وأنا أحب كثيرا تربية عصافير البادجي. ولأني باحثة في الصحة النفسية فمن متعتي مراقبة سلوكيات الحيوانات والطيور أيضا والتعامل مع تعقيداتها النفسية.
وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) الأنعام
وقد كان عندي زوج من هذه الطيور، وكانت الأنثى تبيض وتراعي الصغار وزوجها لا يفعل أي شيء لمساعدتها، وتعجبت من ذلك لأن الذكور في هذه الطيور تساعد الأم على تربية الصغار.
ووضعت القفص الخاص بهما إلى جانب قفص آخر يساعد فيه الذكر أنثاه ورأيت تغيرا طفيفا وما أن أرجعت الأقفاص مكانها بعيدا عن بعضها حتى عاد الحال كما هو.
وظل الأمر هكذا لمدة ثلاث سنوات.
وعلى صعيد آخر، استيقظت من النوم يوما وفتحت الشرفة فإذا عصفور جاء من الخارج متعبا وفي حالة سيئة يقف على أقفاص العصافير، فاستطعت أن أمسكه لأنه لم يكن لديه القوة ليطير، ووضعته في القفص الكبير الذي يحوي الألعاب والأكل الكثير لعدد كبير من الذرية التي خرجت من الأزواج الرئيسية. فاندفع يشرب ويأكل وهو يبدو عليه أنه لم يجد طعاما منذ أيام.
وفي اليوم الثالث بدأ يتعافى ويكتشف الألعاب ويكون أصدقاء. وعاش بينهم لشهور وكنت قد نويت أن أزوجه عندي إذا حدث أي شيء للذكور الرئيسية لتحسين النسل، لأن زواج الإخوة ينتج عنه ذرية ضعيفة.
وفي يوم مات زوج الأنثى الأولى الذي كان كسولا ولا يساعدها في شيء، والذي كانت تستجديه ليعطيها الطعام وهي تطعم صغارها فيتعامل بلامبالاة شديدة، فزوجتها الذكر الذي جاء من مكان بعيد هاربا من أسرِه.
وكنت قلقة لأن الأنثى كان يبدو عليها أنها شرسة وعصبية، بعدها اكتشفت أن هذا من تأثير معاناتها مع زوجها السابق، وأخذ التعارف بينهما أيام بعدها أصبحا في توافق تام، وأصبح لهذه الأنثى زوج يلاطفها ويهتم بها ويراعيها وهو سعيد ببيته الجديد وأنثاه التي كانت تتعطش إلى ذكر يؤنسها.
فسبحان من رزق الله هذه الأنثى الصبورة بذكر جاءها هاربا من مكان بعيد ليرزقه الله بيتا فيه رعاية مني فوق العادية. تلك هي سنن الله لمن يصبر.
وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (6) هود
هناك من البشر من يعتقد أن الله لا يراه ولا يعبأ به، بينما هو سبحانه يرزق كل كائن على الأرض بقدره وتدبيره وحكمته وسننه الثابتة فما بال البشر، ولكنهم يكفرون بنعم الله ولا يصبرون ويتألهون على الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لو أنكم تتوكلون على الله حقَّ توكُّله؛ لرزقكم كما يرزق الطيرَ: تغدوا خماصًا وتروح بطانًا”.