المؤمن البخيل والجبان / داليا رشوان
شرح الحديث للشيخ محمد الغزالي في كتاب خلق المسلم موضوع الصدق:
والكذب رذيلة محضة تنبئ عن تغلغل الفساد فى نفس صاحبها، وعن سلوك ينشىء الشر إنشاء، ويندفع إلى الإثم من غير ضرورة مزعجة، أو طبيعية قاهرة. هناك رذائل يلتاث بها الإنسان، تشبه الأمراض التى تعرض للبدن، ولا يصح منها إلا بعد علاج طويل، كالخوف الذى يتلعثم به الهيابون، أو الحرص الذى تنقبض به الأيدى. إن بعض الناس إذا جُنِّد للجهاد المفروض، تقدم إليه وجلده مقشعر، وإن بعضهم إذا استخرجت منه الزكاة الواجبة، أخذ يعدها وأصابعه تُرْعش، وهذه الطباع التى تتأئر بالجبن أو بالبخل، غير الطباع التى تُقبل على الموت فى نزق، وتبعثر المال بغير حساب. وقد تكون هناك أعذار لمن يشعرون بوساوس الحرص أو الخوف، عندما يوقفون فى ميادين التضحية والفداء!! ولكنه لا عذر البتة لمن يتخذون الكذب خلقا ويعيشون به على خديعة الناس. قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ” يُطبع المؤمن على الخلال كلها، إلا الخيانة والكذب ” . وسئل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : “أيكون المؤمن جبانا؟ قال: نعم! قيل له: أيكون المؤمن بخيلا؟ قال: نعم! قيل له: أيكون المؤمن كذابا؟ قال: لا.. ” .
وهذه الإجابات تشير إلى ما أسلفنا بيانه، من نوازع الضعف والنقص التى تخامر بعض الناس ثم يتغلبون عليها بعد لأى، عندما يواجهون بالفريضة المحكمة أو الضريبة الحاسمة، وهى لا تعنى أبدا تسويغ البخل، أو تهوين الجبن كيف؟ ومنع الزكاة وترك الجهاد بابان إلى الكفران؟؟.
وكلما اتسع نطاق الضرر إثر كذبة يشيعها أفاك جرىء كان الوزر عند الله أعظم، فالصحافى الذى ينشر على الألوف خبرا باطلا، والسياسى الذى يعطى الناس صورا مقلوبة عن المسائل الكبرى، وذو الغرض الذى يتعمد سوق التهم إلى الكبراء من الرجال والنساء، أولئك يرتكبون جرائم أشق على أصحابها وأسوأ عاقبة.