إذا وعد أخلف
نقابل في حياتنا من يعدنا ثم حين يأتي وقت الوفاء بالوعد يخلف سواء كان هذا الوقت قريب أو بعيد.
هناك ألف حجة وحجة لإخلاف الوعد ولكن أكثرها استفزازا أن منهم من يقول لك:
الظروف اتغيرت حأعمل إيه؟
أنا مالي قدر ربنا هو أنا حأعرف علم الغيب؟
أو ربنا عايز كدة إيه اللي في أيدي أعمله؟
وهذه الحجج هي الأكثر إستفزازا لأنها تربط عملا وصفه الرسول عليه الصلاة والسلام على أنه من صفات المنافق وتربطه بوجوب الرضا عنه كاستسلام لشرع الله وخضوع شرعي.
سمعت الشيخ الشعراوي يشرح سنة من سنن الله وهو أن من اضطر أن يستدين وكان صادقا مع الله في نيته رد مبلغ الدين لن يتوفاه الله إلا وقد قضى دينه.
في رأيي أن هذه السنة تسري على الوعد فالوعد دين على الإنسان يجب أن يوفي به، فإن كان من وعد صادقا في نيته مع الله أنه ينوي الوفاء بوعده فإن الله سبحانه وتعالى سيعينه عليه، وإن كان غير ذلك وضع الله أمامه العراقيل، فإن استدرك الإنسان نفسه وحاول الوفاء بوعده بعد أن كان غير مخلص فيه في البداية سهل الله له بعد أن يثبت جديته في أن يتحمل أي مشقة أمام هذا الوفاء، وإن كان مستمرا في عدم الإخلاص سيجد أي حجة ليتخلص من هذا الوعد، وإن كان ظاهريا متدينا فسيسعى لإيجاد المخرج الشرعي ليخرج من الإلتزام بشكل طيب أمام الناس، ولكن في واقع الأمر ليس أمام الله.
أمام الله لا يصح إلا الإخلاص التام في النوايا وما يراه الله في القلوب ويعتبر ما هو غير ذلك كذب على الله ورغبة في إصلاح ما بين العبد والناس من حوله دون أن يعبأ بما بينه وبين الله.
وإن كان يؤمن بالله وقلبه سليم لاستحى من الله أن يتعامل مع الناس بهذا المبدأ.
الإنسان الصادق حين يخرج منه وعد لأحد يكون قد فكر ألف مرة هل سيستطيع أن يفي بهذا الوعد مهما حدث؟ أما إذا حدث شيء بالفعل فيكون وعده سيفا على رقبته لا يغيره مهما حدث ويتحمل أي تبعيات حتى يكون صادقا في وعده. وسيعينه الله على الوفاء بهذا الوعد ومهما حدث فأي عقبات ستكون رفعا في المنزلة أو تكفير ذنوب أي كله خير.
أما المنافق فيعد أينما ذهب دون أن يفكر إلا تحت أرجله. هو في الحقيقة كاذب لأن الوعد يحتاج من يتحمل مسؤوليته أما من يعد لامباليا ماذا يقول فهو يكذب لأنه أوحى إلى من أمامه أنه يقول كلمه ويؤكد أنه مسؤول عنها وهي ليست كذلك، هو لن يتحمل مسؤولية وعوده وفي قرارة نفسه يعلم أن وقت الوفاء بالوعد سيجد ألف عذر.
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) [العنكبوت]