أبناؤنا والتجار
في مرة من المرات أرسلت ابني (10 سنوات) لشراء عصير وانتظرته في السيارة أمام المحل فأجابه البائع بأن ينتظر، ولم يكن هناك أحد ليشتري قبله فانشعلت بشئ آخر، وتأخر ابني فنظرت وإذا بالبائع يتجاهله ويلبي طلبات أي شخص يدخل للمحل، وهكذا مرت دقائق لم أكن منتبهة لها من البداية ثم وجدت ابني واقفا منتظرا لا يعلم ماذا يفعل أمام بائع يتعمد أن يتجاهله ولو كان ليتحدث لآخرين بجانبه. فإنفعلت بشدة ووقفت عند سيارتي وكانت تبعد حوالي 6 أمتار عن باب المحل ورفعت صوتي بعتاب لهذا الموقف وفي أقل من لحظة أعطى إبني ما يريد وغادرنا.
هذه ليست المرة الأولى التي أرسل فيها أحد أبنائي لشراء شئ ويأتيني إما بخضار ردئ أو بضاعة رديئة أو يشتري بأسعار مرتفعة جدا أو يبقيه البائع ساعة بجانبه دون أن يعطيه حاجته أو يتحدث معه بأكاذيب عن نوعية البضاعة التي لديه على أساس أنه طفل ولن يعرف الفرق.
التجار هم فئة تؤثر في المجتمع كله ذلك أن جميعه يتعامل معهم وبخاصة الأطفال الذين هم في سن خطرة وهي سن 9-12 وهي السن الذي يتأثرون فيه بقوة كنتيجة مباشرة للتعاملات مع من حولهم وإن لم يكن الأب أو الأم متيقظين ليعكسوا أي تأثير سلبي فإن الرسائل التي ستصل إلى أبنائهم هي بمثابة مصيبة على المجتمع بداية من الآباء.
في المواقف السلبية التي عانى منها أبنائي مع التجار كانت الرسائل التي وصلتهم في لحظة وأتت على القواعد التي تعلموها في البيت، أن:
1- البقاء للأقوى والأعلى صوتا وليس للأكثر أدبا وخلقا
2- الحقوق ضائعة والظلم هو الذي يعم
3- لا عزاء لمن التزم بآداب دينه
4- الجميع كاذبون حتى يَثبُت صدقهم
5- الجميع سارقون حتى تثبت براءتهم
6- ليس هناك مكان للإحترام لا من صغير لكبير ولا العكس والمبادئ التي يتعلمونها في كتبهم المدرسية ليست لها علاقة بالواقع المرير الذي يعيشونه – وعلى رأي الليمبي وقواعده – إما أن تغيروا التجار أو أن تُدرسوا لهم القواعد الجديدة لحياة الغاب التي نعيشها في المدارس.
وأود أن أوجه كلمة إليكم أيها التجار والمتعاملون مع عامة الناس في الشركات والمصالح الحكومية وأعلم أن هناك عدد كبير منكم سيقرؤون هذا الموضوع، إن عملكم لهو من الأعمال التي تؤثر في المجتمع إلى حد كبير، فالكلمة منكم تفعل الأفاعيل فقد تذكر غافل أو قد توقظ شعلة من النور بين ظلمات نفس عاصي. أنتم تنشرون حسن الخلق بين المجتمع بإلتزامكم وقد تصبحوا أيضا مربين صالحين لأبنائنا ولكم أجرك وجزاؤكم على ذلك. أو أن ترضوا لأنفسكم نشر صفات الكذب والتدليس والبلطجة والجشع والمصلحة المبنية على هدم المجتمع وتضيعون أبناءنا بل والمجتمع أجمعه، فاختاروا دوركم. مع العلم أن أبناءنا هم أبناؤكم لأنكم جزء من المجتمع مثلنا وتعانون أنتم وأبناؤكم من التجار مثلما نعاني تماما.
دخل رجل ألماني إلى أحد المحال في مصر ليبيع تليفونه وشرح لصاحب المحل مشكلة موجودة في التليفون ثم أتبع هذا الشرح بجملة أخرى عجيبة في زماننا فقد قال باللغة الإنجليزية “أنا مسلم لذلك يجب أن أطلعك على ذلك”.
“أنا مسلم” يقولها رجل ألماني ليعلمنا نحن المسلمون كيف يتصرف المسلم بين الناس؛ كيف يعتز بإسلامه ويحذر مراقبة الله له في كل صغيرة وكبيرة؛ كيف يضع في إعتباره وهو يتحرك بين الناس أنه وقبل كل شئ مسلم وإسلامه يفرض عليه أن يتعامل بشكل محدد لا يخرج عنه خشية من الله.
“أنا مسلم” قالها المسلم لمسلم وليت المسلمون يتعلمون