هل نعامل المنافقين بالشدة أم باللين؟
بقلم داليا رشوان
سلسلة إلا من أتى الله بقلب سليم
في22 /1/ 2017 نشرت موضوعا لي بعنوان “المنافق كما لم تعرفه من قبل” ترتبت عليه ردود أفعال أحاول في هذه السلسلة التعامل معها بما يرضي الله.
جميع موضوعات هذه السلسلة تجدها في آخر المقالة
أثناء كتابة هذا الموضوع “المنافق كما لم تعرفه من قبل” لم أكن أر إلا صورة المنافقين الضالعين في النفاق الذين يؤذون المسلمين أذىً بالغ. فقد حثنا الله تعالى على التدقيق معهم وتحديدهم لأن خطورتهم في أنهم يختفون وسط الملتزمين لأنهم يلبسون لباسهم، وكسر هذه الخطورة يأتي بكشف غطائهم مما يترتب عليه الحذر منهم.
تحديد العناصر المنافقة في المجتمع ليس للتنكيل بهم ولا عزلهم ولا حرمانهم من الدعوة والنصح، فقد حرص رسول الله صل الله عليه وسلم في مواقف كثيرة في بداية بناء الدولة الإسلامية على ألا يتعامل مع المنافقين بما يستحقون قائلا (لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه). وقال ابن تيمية: “إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكف عن قتل المنافقين مع كونه مصلحة، لئلا يكون ذريعة إلى قول الناس أن محمداً صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه، لأن هذا القول يوجب النفور عن الإسلام ممن دخل فيه، وممن لم يدخل فيه”. أي أنك عند التعامل مع الناس عليك أن تظهر جمال الإسلام وخلقه وشرائعه حتى لا تنفر الناس منه وهذه أولوية.
فكان رسول الله صل الله عليه وسلم يدَعْهم بين الناس ولا يحدثهم بشئ ولكن تنزل الآيات تفضح سلوكهم فيتضح الأمر لكل إنسان مؤمن ليحذر، دون التصريح بالتفاصيل لمن حوله وبهدوء حتى لا تحدث فرقة بين المسلمين وتصبح حياتهم تربص واتعام لبعضهم البعض.
في المجتمع المسلم هناك صعوبة في تحديد المنافق وغالبا سيحدث أخطاء وظلم للناس لأن الموجودين بين الناس درجات ليسوا على درجة واحدة وقد لايزال بعضهم على الطريق وفيه من خصالهم لذا فإن معاملتهم بجفاء وإبعادهم عن مجالس الذكر تعين الشيطان عليهم فينتكسوا إلى منافقبن خالصين بسبب من حولهم. وقد يصدق الإتهام للبعض تارة وقد يكون باطلا تارة أخرى ويكون من أمامك مجرد إنسان عاص وبينه وبين الله صلة قلبية خفية عن الناس وأذاك له سيكتب في ميزان سيئاتك وليس حسناتك.
إن الشك والاتهام وتصيد الأخطاء وتتبع العورات ليس الأسلوب الذي تقوم عليه دولة إسلامية مستقرة.
لم يقم الرسول صل الله عليه وسلم باتخاذ اجراء صارم ضد المنافقين إلا عندما أقاموا مسجدا ضرارا للتفريق بين المسلمين ثم حاولوا قتله صل الله عليه وسلم، أي أن أذاهم وصل لتهديد دولة الإسلام وقتله. وكان رده على ذلك أن فضحهم على الملأ حتى أصاب كبيرهم عبد الله بن أبي بن سلول المرض ومات.
وفي موت عبد الله ابن أبي سلول عبرة أخرى، فقد جلس معه الرسول يحدثه وهو على فراش مرض الموت، وبعد أن مات كان يريد صل الله عليه وسلم أن يصلي عليه، حتى نهاه الله عن ذلك. وفي هذا الموقف يقول كثير من العلماء والدعاة أنه يدل على رحمته صل الله عليه وسلم، ولكني أشعر وهم يقولون ذلك أنهم يتحدثون عن صفة خاصة بالنبي صل الله عليه وسلم بشكل استثنائي دونا عن المسلمين، وهذا ليس صحيحا. فقد أراد الله لهذا الموقف أن يحدث لأن في كل ما يفعله الرسول صل الله عليه وسلم ويشعر به هو أسوة لنا، وهذا الموقف في رأيي نستدل به أنه على الرغم من أن المنافقين خطر علينا ووجب علينا أن نهتم بهذا الأمر وأن نأخذه على محمل الجد إلا أن خطر المنافقين ينتهي بإنتهاء أن تعرفهم، وبعد ذلك عليك بمعاملتهم برحمة وأن تستمر في شمولهم من دعوتك ودعواتك.
عزل خطرهم يكون بمعرفتهم دون أذاهم، بمعنى لو أردت اتخاذ قرارا هاما وأمامك منافق فكل ما عليك ألا تأخذ برأيه ولا تثق في أي كلام أو أخبار ينقلها إليك، كما أن عليك أن لا تأتمنه على مال أو سُلطة. بعد انتهاء هذا الخطر، عليك أن تعامله برحمة الرسول مع عبد الله ابن أبي سلول وقت وفاته أي بهدوء وبما يرضي الله وأن تظل تدعوه لما فيه خير له إلى النهاية.
حين نتحدث عن المنافقين قد نتحدث عن زوجة أو زوجة وأقارب من الدرجات المختلفة وعن أصدقاء وعن زملاء وشركاء، لذا فإننا يجب أن نشملهم برحمة الرسول وإذا رأيناهم يرتكب معصية علينا بنصحهم بشكل لا يسئ إليهم.
سلسلة إلا من أتى الله بقلب سليم
في22 /1/ 2017 نشرت موضوعا لي بعنوان “المنافق كما لم تعرفه من قبل” ترتبت عليه ردود أفعال أحاول في هذه السلسلة التعامل معها بما يرضي الله.
- ما هي صعوبات ومعوقات الإخلاص لله؟
- الغاضبون
- هل معصية من التزم بمظهر إسلامي تعني أنه منافق؟
- هل نعامل المنافقين بالشدة أم باللين؟