ما هي صعوبات ومعوقات الإخلاص لله؟
بقلم داليا رشوان
سلسلة إلا من أتى الله بقلب سليم
في22 /1/ 2017 نشرت موضوعا لي بعنوان “المنافق كما لم تعرفه من قبل” ترتبت عليه ردود أفعال أحاول في هذه السلسلة التعامل معها بما يرضي الله.
جميع موضوعات هذه السلسلة تجدها في آخر المقالة
ما هي صعوبات ومعوقات الإخلاص لله؟
سؤال يراودني حين أتعامل مع من حولي وأرى بوصلة إخلاصهم تذهب بهم يمينا ويسارا، فمنهم من يرى أنه مخلص لاشك وهو منافق خالص ومنهم من يرى صعوبة في الإخلاص ويتحدث عنها كثيرا ومنهم من يختلط عليه الأمر ومنهم من لم يفكر في الإخلاص مطلقا.
ولكن لِمَ كل هذا الخلط والأمر في جوهره بسيط؟
على سبيل المثال إذا قلت لك اعمل كذا من أجل مصلحة فلان من السهل عليك أن تقول لي: “لا أحبه ولا أريد أن أعمل لمصلحته، أو قد ترد بنعم إنني أحبه وسأعمل له أي شيء لأنه فعل معي كذا وكذا “، تمييزك للمطلوب منك سهل وبسيط وقابل للتحديد، حتى لو كنت تعمل لفلان وأنت تريد أن ينبهر آخر بما فعلت، من السهل جدا بمراجعة بسيطة أن تحدد نواياك.
المطلوب منك لله أسهل بكثير من أن تعمل شيء لمصلحة فلان، فأنت في هذه الحالة تعمل لمصلحتك أنت لأن الله سبحانه وتعالى لا يحتاج عملك بل أنت الذي تحتاجه وتحتاج أن تخلص فيه، ولكن عند قيامك بالعمل تدخل عليك آلاف الشبهات وتضيع منك حقيقة نواياك ولو كنت ظاهرا تتحدث بالإخلاص لله، لماذا؟
لأن ميل نفسك للدنيا يجعلك تختلق مبررات وأحيانا تكون المبررات شرعية في مظهرها إن كنت شخصا ملتزما ولكن في جوهرها كذب وتدليس وحق أريد به باطل.
ما المقصود بالدنيا؟
أسرد بعض المقصود بالدنيا مما يعد غير واضح لك ولا تميزه بسهولة: كرامتك وغيرتك ممن حولك ورغبتك في أن تكون أفضل منهم (فيما يخص الدنيا وليس الآخرة) وحبك للشهرة وحبك للمال وحفاظك على “برستيجك” أو مظهرك بين الناس ورغبتك في إرضاء غرورك وهيبتك، أيضا هناك مواقف تركن فيها للراحة الدنيوية مثل رغبتك في تجنب صعوبة الابتلاء بأن تركن إلى الاختيار الأسهل الذي يكمن فيه تعدٍ واضحٍ على حدود الله وثم التبرير بأن الله غفور رحيم وسيغفر أي تقصير ثم تفعل ذلك كلما ابتلاك الله، أو أن تبرر لنفسك أنك ضعيف الشخصية وضعيف القوة فتبتعد عن لغط الحياة وتذهب بنفسك إلى ركن بعيد لا تنكر فيه منكرا ولا تأمر فيه بمعروف مع قدرتك على ذلك والتي يعلمها الله أنها فيك.
نسبة إرتبطاتك بهذه الأشياء هي نسبة إخلاصك لله وحين تقع في ابتلاء (أو امتحان) فترجح كفة هذه الأشياء يحق عليك قوله تعالى “أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ…. ” [الجاثية – 23].
كل ما على الإنسان حين يرغب في الوصول إلى الإخلاص الحقيقي لله هو أن يتحرر من عوامل الجذب والإغراء والرغبات والأهواء، كلٌ حسب شخصيته وما يؤثر عليه منها وما يصرفه بعيدا عن طريق الله، وأن يبذل قصارى جهده ليعمل أي عمل ويتخيل وكأن ليس في الدنيا غيره وأن الله سبحانه وتعالى يراقبه ويرى ما يفعل سواء سلوكه الخارجي أو حديث نفسه. والشق الثاني الخاص بمراقبة الله ليس خيالا ولكنه الحقيقة التي تأبى نفوس معظم الناس تصديقها بالعمل.
المشكلة أن الإنسان في طريق المراقبة سيحتاج صلة مباشرة لا تنقطع بينه وبين الله عز وجل يعرف من خلالها أين هو من طاعته سبحانه.
هذه الصلة هي القرآن الذي يأخذ بيدك في البداية ومع مرور الوقت تتسع مساحة رؤيتك لله في كل ما يحدث حولك فيصبح العالم كله لغة بينك وبين الله يزينها القرآن تحيا به ولا تستغنى عنه وكأنه أصبح مثل الطعام والشراب.
بداية حياتك مع الله بإخلاص تبدأ بأن تقرأ القرآن على أنه كلام الله لك، فتنصت جيدا وإن لم تفتح القرآن إلا لتقرأ آية واحدة، فإن وقفت عند هذه الآية أنها كلام الله لك ووعيتها وفهمت ما أراد الله أن يلفت نظرك لتغييره فبحثت ووعيت واستجبت، بلا تحيز وبلا كبر وأنت راغب تماما في أن تسلك أي اتجاه وتقوم بأي عمل مهما كان شاقا أو على غير هواك، ابتغاءا لمرضاة الله، فقد بدأت مشوارك مع الإخلاص الحقيقي لله، الإخلاص الواضح السهل.
ومع مرور الأيام ستجد نفسك تلقائيا منتبها في كل موقف يقابلك، عيناك على القرآن تريد أن تعرف ماذا سيقول الله لك تعليقا على ما فعلت، فإن وجدت نفسك قد أسأت استغفرت سريعا وأصلحت ما أفسدت وإن كان خيرا تحمست لخير أكبر فكنت ممن يسارعون في الخيرات بإذن الله.
إن الإخلاص لله طريق واضح وسهل، وصعوبته الوحيدة هي التصاقك بالدنيا وشُعَبِها ومواقفها وانفعالاتك وعاداتك وما تربيت عليه وما فرضته عليك التقاليد والأعراف أينما كنت.
من يرى صعوبة في الإخلاص لله ما هو إلا إنسان غلبت عليه إنفعالاته وميله للدنيا بدلا من طريق الله، وأصبح المحرك لمواقفه هو انفعالاته ذهب أينما ذهبت دون أدنى تفكير، وحين يبتلِي الإنسان في مواقف تؤجج من هذه الانفعالات لا يجد في نفسه قوة تجعله ثابتا أمامها بل يقع بسهولة وضعف، ويزيده الشيطان ضعفا على ضعف فيزين له سوء عمله فترجح الكفة في اتجاه هذا السوء.
ستسمع مِن حولك مَن يقول لك ناصحا “ثق بنفسك” ولكن للأسف هذه النصيحة قد تضيعك، عليك أن لا تثق بنفسك كثيرا لأن نفسك في بعض الأحيان ستأتيك بأفكار تثنيك عن سبيل الله وستقرن مع أفكارها مبررات مقنعة لك أنك على الطريق الصحيح.
إن من يريد الصراط المستقيم يثق في الله ويترك نفسه له سبحانه أو بمعنى آخر يسلم نفسه لله ويتأمل ويتفكر فيما حوله ويستجيب لله حتى لو كان طريق الطاعة لا يوافق هواه.
فإن اختلط الأمر على الإنسان ولم يعد في مقدوره التفرقة بين الحق وهوى نفسه عليه أن يدعو الله مخلصا أن يُظهر له ما خفي عنه، وستأتيه الإجابة حتما، ولكن “مخلصا” هي المفتاح، فقد يدعو ويدعو ويقول للناس أنه يدعو وينشر الدعاء على مواقع التواصل الاجتماعي وما هو إلا مرائي يستكمل مشور الرياء ليس أكثر ولا أقل، ويعلم الله سبحانه عنه ذلك، ومن ثم فلا تأتي الإجابة.
تعليق فضيلة الشيخ عبد الله بن إبراهيم حبيب:
خطرت لي خاطرة في أول المقال عند كلمة المصلحة الخاطرة هي:
أنه قد تتعدد النيات وهي كلها ترجع إلي النية لله علي حد تعبير القرضاوي في كتابه العبادة في الإسلام يقول:
مقصد أصلي ومقاصد تابعة
_____________________
المقصد الأصلي يعني إرضاء الله
ومن المقاصد التابعة المصلحة والمنفعة
وهي ترضي الله
سلسلة إلا من أتى الله بقلب سليم
في22 /1/ 2017 نشرت موضوعا لي بعنوان “المنافق كما لم تعرفه من قبل” ترتبت عليه ردود أفعال أحاول في هذه السلسلة التعامل معها بما يرضي الله.
- ما هي صعوبات ومعوقات الإخلاص لله؟
- الغاضبون
- هل معصية من التزم بمظهر إسلامي تعني أنه منافق؟
- هل نعامل المنافقين بالشدة أم باللين؟