حين يُكذِّب كل طرف الآخر كيف تعرف الإعلام الصادق؟؟
04/12/2013
بقلـــم دالــيا رشــوان
عندما تتحدث الآن مع معارض لك يسرد أحداثا من وحي الخيال فتقول له “هذا كله كذب” فيرد عليك بل أنتم الكاذبون. فتجد الطرفين يسردون أحداثا متضادة وكلاهما يُكذب الآخر وواحد منهما فقط معه الحقيقة فكيف تجد هذا الطرف؟؟ وهل المسألة صعبة وتعد من المستحيلات؟؟
الحقيقة في هذا الزمن تحتاج لمن ينقب عنها ويصدق النية لله في ذلك، ولا تقل ليس لي في السياسة لأن المسألة خرجت من السياسة وأصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية فقد يكون لجارك شهيد من أهله فهل تعتبر ذلك سياسة؟ هل تحب أن يُقتل أحد من أفراد أسرتك فيقول جارك عذرا أنا لا أهتم بالسياسة؟ وقتها فقط ستدرك أن قيامك لنصرة جارك أمانة وواجب أمام الله ستحاسب عنه يوم القيامة.
أما عن تحديد من الصادق فالمسألة كما قلنا تحتاج إلى بحث فمن غير المعقول أن آخذ الموضوع بسطحية ولا أفكر إلا في الأحداث الجارية كحدث منفصل دون الرجوع لأصلها وتاريخها وتاريخ الأطراف المشاركة في صنعها ودون النظر إلى الأحداث بحيادية وهل هي منطقية أن لا.
لذا فإن حكمك على الأحداث يجب أن يكون كالآتي:
معرفة السيرة الذاتية وتوجه كل طرف من الأطراف من مصادر موثقة ومراجعة للتاريخ القريب والبعيد لكلاهما.
مراجعة التاريخ الموثق والأحداث التي شارك فيها كل طرف من الأطراف خاصة التاريخ القريب الذي يرجع لعام أو عامين فقد أثبتت الأيام أننا ننسى سريعا.
معرفة مالك القناة التي تبث هذه الأخبار لأن القناة الإعلامية هي سلاح في يد مالك القناة يستخدمها ليحقق بها مصالحه ولو بالتدليس ويحدث ذلك في الدول التي يحكمها أنظمة ديكتاتورية حيث تسيطر الدولة على المضمون الإعلامي بحجج كثيرة تبدو في ظاهرها منطقية (كالأمن القومي والاستقرار وما إلى ذلك)، وحيث توجد سيطرة مماثلة على الدوائر القضائية فلا يحكم القضاء بخلاف ما تأمر به السلطة، فتخرج معايير المهنية عن السيطرة ويحكم المضمون الإعلامي صاحب المال الموالي للسلطة.
معرفة تاريخ مواقف الإعلامي الذي يتحدث لأن بعد هذه الفترة الثرية بالأحداث ستجد التباين في المواقف واضحة وحين تجد إعلامي يسب أشد السباب في فئة ثم تبحث وراءه لتجده كان يمجد فيها فلديه مشكلة مهما كانت تلك الفئة صالحة أم طالحة فالتغيير المبالغ فيه في المواقف يظهر أيدي المصلحة التي تتحكم في هذا الإعلامي.
حين يثبت الكذب الصريح المتعمد لوسيلة الإعلام التي أتابعها فقد أصبحت مصداقيتها على المحك ولكن حين يتكرر ذلك فتصبح متابعتها ليس اطلاعا على رأي طرف ولكن اطلاع على تدليس هذا الطرف. وكشف هذا الكذب يأتي بمتابعة الأحداث على أرض الواقع ونزول الشارع للتأكد من حقيقة ما يحدث.
حين تتعارض الأحداث التي تسرد في وسائل الإعلام مع المنطق فيجب أن تعلم أن هناك أزمة فيما ترى، حين تجد مثلا محمد مرسي جالس على طاولة المفاوضات مع عمر سليمان ضمن جميع التيارات السياسية الأخرى ثم يقولون عنه أنه كان وقتها هارب فهذا يتنافى مع أبسط معايير المنطق وحين يُترك لينجح في الانتخابات ويصبح رئيسا لمصر لمدة سنة فلا يكون هذا الكلام إلا دربا من الجنون ولا يوصف من يصدق ذلك إلا بأنه أوقف إعمال عقله تماما.
تعرف أن الإعلام مضلل حين تجده يتناول حرق كنيسة بحملة إعلامية شعواء أما حرق مسجد وقتل مصلين فهو أمر لا يرقى لمستوى الخبر. ومثل هذا الإعلام يظهر تحيزه التام واضح وضوح الشمس.