الإنسان والكون
بقلم أماني المرشدي
ومن الأسئلة التى يواجهك بها البعض من غير المؤمنين : “وهل يعقل أن يخلق الله كل هذا الكون الهائل الضخم ببلايين المجرات من أجل هدف واحد فقط وهو أن يعبده الإنس والجن؟”
مشكلة الإنسان بوجه عام وغير المؤمن بوجه خاص أنه يقارن قدراته البشرية المحدودة في الفعل والتخيل بقدرات الخالق عز وجل….يعني الكون بما يتسع من وجهة نظر الكائن البشري هو كيان ضخم .. هائل.. مهول ..لا تستطيع القدرة البشرية الإحاطة به …وذلك وضع طبيعي جدا بالنسبة لحجم الإنسان في للكون…أما إذا نظرنا من الجهة المقابلة، والتي يقرر فيها الخالق عز وجل قائلا ( ولقد خلقنا السموات والأرض في ستة أيام وما مسنا من لغوب) يعني ذلك الخلق الهائل هو على الله هين ..سهل… بالنظر إلى قدرته المطلقة ….
أما لماذا كل هذا الإتساع والإبداع والضخامة والعدد اللانهائي من المجرات والتي تسير بدقة متناهية يستحيل معها الإقتناع بعشوائية الخلق … فربما لأنه لا ينبغي لخلق الله أن يكون أقل من ذلك! (بالبلدي يعني دي أقل حاجة عنده سبحانه وتعالى) أما من الناحية العلمية البحته فقد قال العلماء أن بناء الكون كله بناء متماسك ومتوازن وكل كيان فيه يؤدي دور في تماسك الكون ودقة حركته والتجاذب بين مكوناته ….
كونك مستغرب أو مش قادر تقتنع فذلك لأنك تقارن ما لا يمكن مقارنته …وضخامة الكون من المفترض أن تجعلك تدرك حجمك الحقيقي في الكون وحجم من خلقك …ثم تجد من يتجرأ عليه سبحانه وينكر وجوده وتتكبر نفسه أن تعبده وتسجد له…وللأسف ليس لذلك الإنسان عذر ..خاصة بعدما استطاع أن يرى ويدرك مدى قدرة الله ومدى ضعف الإنسان وعجزه أمام قدرة ربه المطلقة. …
ثم إن هذا المخلوق الذي تستكثر عليه أن يخلق الله من أجله كل هذا الكون ..هو في الحقيقة مخلوق ليس هين ..فقد خلقه الله واختصم من أجله الملأ الاعلى وجادل فيه الله ملائكته، وأعطاه الله من القدرات العقلية والحريات ما لم يعطي الملائكة ..فقد منحه الله القدرة على التعلم واكتساب المعرفة وأثبت ذلك للملائكة عندما أمر الله آدم أن يخبرهم بما تعلمه من الأسماء التى لم تكن الملائكة على علم بها …وأستطاع هذا المخلوق البشري أن يصل بعقله وعلمه وأدواته إلى الأقمار والكواكب والشموس القريبة منه! فهل كان من المعقول أن يخلق له الله كونا يستطيع الإنسان أن يصل لحدوده ويحيط به علما؟!! هذا ما كان ينبغي له سبحانه وتعالى …
أما القدرة العقلية للإنسان على التفكير والتأمل واكتساب المعرفة والقياس والتدبر والحفظ والإستنتاج ..كلها تتناسب مع المهمة الموكل بها على الأرض وهي السعي إلى الحقيقة والإهتداء الى الخالق، وإعمال العقل في سبيل هداية البشر إلى الطريق القويم وإلى المثل العليا ومكارم الأخلاق والعمل النافع والإبداع الذي يأخذ الحياة إلى الأمام، دون ان ينسى فضل الله عليه والهدف الأساسي من خلقه، وهو أن يكون على صلة دائمة بربه أثناء سعيه على الأرض، وفي كل خطوة يخطوها في الحياة … يحقق تلك الصلة في سجوده وصلاته ودعائه….إذن فمهمة الإنسان على الأرض ليست هينة وليست تافهة ولا بسيطة …ومن يتعجب من الإتساع في خلق الكون بالقياس إلى مهمة الإنسان المخلوق من أجلها ..هو إنسان لا يعرف لحياته هدفا ولا قيمة …ربما لأنه قطع الصلة التى أُمر ألا يقطعها أبدا…
عن الكاتبة
بكالريوس تربية قسم لغة انجليزية
دبلوم في طرق التدريس والصحة النفسية
عملت في مجال الترجمة وترجمت عدة مقالات إسلامية ..
أسست موقع www.islamicquotes.net