هل لانتشار الطلاق سبب واحد مشترك بين الجميع؟
انتشر الطلاق في الأعوام الأخيرة بشكل مفزع حتى أصبحنا لا نجد أسرة إلا وقد ذاقت أو سمعت بهذا الألم، وأصبحت أظن أن من الأفضل أن تقوم الدولة أو الأجهزة المعنية بعمل جائزة مالية لمن يستطيع أن يثبت على زواجه لأكثر من عامين.
إن هذا التدهور جعلني أتساءل عن سبب منطقي له؛ سبب أشعر أن من خلاله نستطيع أن نبدأ في العلاج. والمسألة لا تتعلق بطرف دون الآخر بل إنها تشمل الزوج والزوجة معا، سببا يجمعهما على شئ يؤدي إلى عدم احتمال احدهما للآخر وانفصالهما في بضعة أشهر فقط.
خلافات بالملايين
يتحدث الناس كثيرا عن أسباب الخلافات التي تؤدي للطلاق منها أن الزوجة لا تحترم زوجها أو زوجها لا يحترمها أو أنها لا تهتم بزوجها وليس لها إنتماء له أو أنها كثيرة المطالب أو أنها تهتم بنفسها أكثر من بيتها وأسرتها أو أنها تخرج أسرار البيت فتدعو كل من هب ودب لمشاركة في أي خلافات أو أنها لا تستطيع تحمل مسؤولية البيت والنتيجة أنها مهملة في بيتها وفي نفسها … الكثير والكثير من الأسباب المختلفة والمتنوعة التي يمكن ملء مراجع بها، ولكنني اعتبرها مجرد أعراض للمشكلة وليس المشكلة الرئيسية. وقد يبدو أحيانا في تناولي أنني متحيزة ضد المرأة لكن الأمر ليس كذلك، وتركيزي على أخطاء المرأة ينبع من أن الله منَّ عليها بقدرة على التحكم في حياة أسرتها وتوجيهها إلى بر الأمان بليونتها وذكائها وحنانها في التعامل مع زوجها وفهم احتياجاته وإخراج أحسن ما في شخصيته، وذلك لا ينفي أنني رأيت رجالا لا يصلح معهم أي أساليب تستخدمها امرأة حكيمة محبة لبيتها وزوجها وتريد أن تستكمل المسيرة في مودة ورحمة، فبعضهم بخلاء بشكل يجعل منهم نموذجا رائعا لمؤلفي المسلسلات والأفلام والقصص الكوميدية، وبعضهم تتملكهم أنانية شديدة تحول دون أن يفكروا في أي شئ إلا أنفسهم على حساب زوجاتهم بل وأولادهم، وآخرين لا يحكمهم دين ولا خلق فيطيحون في الدنيا كما يشاؤون ويضعون زوجاتهم تحت ضغط نفسي هائل، أما العجب ففي المتشددين (فيما يعتقدون أنه من الدين مع بعد الدين الكلي عنه) على أسرهم يريدون أن يعسروا عليهم حياتهم إيمانا منهم بأن هذا العذاب هو ما أمر به الله ضاربين عرض الحائط بالآية الكريمة التي قال الله فيها:” طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى (3) – سورة طه
وليست هذه الآية فقط بل إن آيات القرآن كلها رحمة ويسر وتشديد على تحريم ما أحل الله بنفس قوة التشديد على ما حرم لأن كلا الأمرين يؤدي إلى نفس درجة الافساد، قال تعالى في سورة المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ (88)
سي السيد
هل هذه العيوب الفردية على اختلافها هي التي أدت لزيادة معدلات الطلاق؟
حين نتأمل مثلا شخصية مثل “سي السيد” التي كانت بشكل أو بآخر صورة رب الأسرة في أوائل القرن الماضي فنجدها شخصية غير سوية من عدة جوانب وترهق من يعيش معها وعلى الرغم من ذلك كان الطلاق نادرا ما يقع، سيقول البعض أن المرأة كانت مقهورة، لكن نعود فنقول أن هذا الأسلوب في المعيشة كان يعبر عن ثقافة هذه المرحلة لأن نفس هذه الزوجة التي نفترض أنها مقهورة حين تصبح أما كانت تربي ابنها على نفس النمط الذي نفترض أنها تعاني منه مع زوجها.
إذن كيف حدث التغيير؟
إعلام تخريب المرأة
لقد خرجنا في رأيي من هذه المرحلة بعد أن ركز الطامعون في بلادنا (وهم كثير) على المرأة وبث داخلها بطريقة أو بأخرى شعورا بأنها مقهورة وأنها يجب أن تتحرر وتطالب بالمساواة بالرجل، هذا الحق الذي تمثل على أرض الواقع في موضة لبس أقل القليل والاختلاط المفجع مع الرجال وحق الحب والمرافقة قبل الزواج، وكما نرى أن المطالب بحريات المرأة كانت مطالب بالانحلال والرق خضوعا لغرائر الرجال ولم تكن مطالبة بالحرية الحقيقية التي تعود بنا إلى الإلتزام بتعاليم الإسلام التي تصون جسد وعقلية المرأة وتحترم الطبيعة التي خلقها الله بها وقدراتها العاطفية والجسمانية والابداعية وأفضل طريقة لاستغلال هذه القدرات دون المساس بكرامتها أو مشاعرها أو الدور الذي خُلقت من أجله وهو دور أكبر بكثير مما نراه اليوم.
وعودة لأسباب الطلاق
مجرد أنانية
إن الشئ المشترك الذي وجدته في الجميع سواء أزواج أو زملاء أو شركاء أو غيره هو شيوع الأنانية وحب المصلحة الشخصية وتفضيلها على المصلحة العامة وما يتبع ذلك من التركيز على الأخذ الدائم أما العطاء فهو في حدود ضيقة ترتبط بأن يكون هذا العطاء في مقابل شئ ما أكبر بكثير حفاظا على أقل خسارة، وعودة إلى الزوجين فإن هذا الفكر هو المدمر الحقيقي للعلاقة بينهما، لأن كليهما يبدأ حياته مع الآخر وهو يريد الأخذ، كل منهم يريد اشباع احتياجاته سواء المادية أو المعنوية، وهذا الفكر لا يظل خافيا على الطرف الآخر لأن القرب الشديد الذي يصل إليه الزوجين يجعل من السهل على احدهما أن يعرف تلقائيا الاستراتيجية التي يسلكها معه شريكه والنتيجة أن كليهما يفقد الثقة في الآخر وكلاهما يتربص بالآخر وينتفي مع هذه الروح التي يعيشون بها السكن والمودة والرحمة لأنهما أصبحا زوجين ينتظر كل منهما أن يخطف من الآخر شيئا ما، وهذا الفكر لم يكن موجودا من قبل وقد زاد في الآونة الأخيرة بشكل هائل يدعو للسخرية على غرار هم يبكي وهم يضحك.
إن الزوجة في أول عهود الإسلام كانت تتزوج وهي تريد أن تعطي لزوجها وبيتها وأولادها ابتغاء مرضاة الله وحرصا على الأجر منه سبحانه وخوفا من عقابه وكانت توصية الاسلام لها بأن تحفظ زوجها وتحفظ سره وأن لا تثقل عليه بطلباتها وأن لا يرى منها قبيحا وأن لا تستفزه. كانت الزوجة تعرف أن هناك بعض التضحية لكنها كانت تفعل ذلك بكل رضى لما قسمه الله لها. أما الرجل فكان الأمر له بالقوامة أي أن يقوم على خدمة الزوجة، وأُلزِم بنفقاتها من مأكل وملبس ومسكن، وأوصاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يترفق بها وأن لا يكسرها وأن يساعدها ويتحملها.
بعض الأزواج يقول لماذا أفعل من أجلها كل ذلك وهي تملك ولماذا أشتري لها ولا أشتري لنفسي ولماذا أخدمها أليست تطالب بالمساواة فلتخدم نفسها اذن، وهنا نعود إلى الأساس الذي نعيش من أجله ويتلخص في الاجابة على هذا السؤال:
ماذا تحقق الأنانية لأصحابها؟
هل نحيا لنغترف من الدنيا اعتقادا منا أننا كلما حصلنا على شئ ما أو كلما وفرنا شيئا ما سنسعد؟ أم أننا نحيا لنفعل ما أمرنا الله به ابتغاء مرضاته سبحانه وطلبا للأجر من عنده حتى نسعد في الدنيا والآخرة؟
إن كنت أخي تطلب الأولى فقد أضعت دنياك قبل آخرتك لأن الدنيا بيد خالقها سبحانه وإن لم ترضيه جعلها لك معيشة ضنكا أي أن سر سعادتك في الدنيا هي آداء الواجبات التي أمرك الله بها ليعطيك من خيرات الدنيا والآخرة ومنها سعادتك الزوجية.
مع الله ليس هناك شئ تفعله “مجاني” لأن الله هو الشكور الودود الكريم المنعم ومع هذه الأسماء تأكد أنك إن كنت تعطي للناس ابتغاء مرضاة الله بقدْرك فإن الله سيرد لك عطاءك بقدْره في الدنيا قبل الآخرة.
وهنا نستنتج أن شيوع الأنانية أو حب الذات أو النرجسية هي السبب المباشر في زيادة معدلات الطلاق ولكنها أيضا من الصفات التي تدل على أن وراءها أحد اضطرابات الشخصية المعروفة في علم النفس والتي تقول أحد النظريات العلمية أن السبب فيها هو قصور ما أو خطأ في التربية يحدث أثناء النمو الطبيعي للطفل مما يؤدي إلى التوقف في تطور أحد الركائز التي تُبنى عليها الشخصية السوية، فينمو الإنسان ولا ينمو هذا العنصر فيكبر الإنسان فاقدا أحد الأساسيات المهمة في بناء شخصيته فتختل عن السواء، ويتحكم نوع القصور وزمن المرحلة التي حدث فيها في تحديد طبيعة الاضطراب. وأعود بذلك إلى أن التربية الخاطئة هي التي أدت بنا إلى هذا التدهور الذي لم يظهر فقط في معدلات الطلاق المتزايدة بل أيضا في أساليب الحكم وإدارة الأعمال التي تعتمد على الأنانية والمصلحة الشخصية، تلك الأعمال التي تتحكم في الاقتصاد والتي غاصت بالاقتصاد العربي إلى أسفل سافلين.
ولكن ما الذي أدى بأمهات الأجيال السابقة إلى ارتكاب أخطاء فادحة في التربية ينتج عنها أجيال ذات شخصيات مضطربة وأنانية؟
إن الطامعين في بلادنا عرفوا أن المدخل إلى الإيقاع بنا هو تفكيكنا بداية من الأسرة وانتهاءا إلى الأمة وأن بُعدنا عن الإسلام هو السبيل لذلك لأن تمسكنا بما فيه هو ما يجعلنا أقوياء ومتحدين دون أن يقدر علينا أحد، وكانت وسيلتهم في ذلك المرأة والوصول لها واقناعها أنها يجب أن تخرج إلى العمل وأن هذا هدف وأنه حقٌ لها، وأن دورها في رعاية أسرتها دور مهين يقلل من شأنها وأنه من قبيل الرجعية والتخلف وتقييد المرأة واستعبادها، أما انطلاقها بلا ضابط ولا رابط متحررة من ما أسموه قيود العرف والشرع وإنفلاتها من أسرتها وتحررها هذا هو منتهى المراد. وعلى الرغم من أن هذا الكلام لم يكن مؤثرا بشكل مباشر وحاد لكنه قد أخذ وقته على مر سنوات طويلة، وهذه الأفكار تم بثها من خلال الأفلام ثم من خلال كتابات بعض من تبنوا هذا الفكر، والنتيجة أن الأم أصبحت تهتم بنفسها واحتياجاتها وترفض أن تجعل مِن أولادها وزوجها أولوية لها فهي لجأت للعمل من أجل العمل ولو كان مؤثرا على حياتها العائلية، وجميع تصرفاتها تتسم بحب الاستقلالية والميل إلى الحلول والاختيارات التي تناسبها دون أسرتها، هذه الزوجة حين أصبحت أما انحصرت تربيتها لأولادها في أي شئ يسكتهم بعيدا عنها حتى لا يزعجونها، وتحججت بضيق وقتها الذي لا يسمح لها بتربية أبنائها، أصبح الأب والأم للأبناء مصدر النقد والأوامر والنواهي وفقد الأبناء مصدر الحنان والقوة والثقة ومصدر الثقافة الحياتية التي تهيئهم لمواجهة المجتمع بشكل سوي، وهنا حدثت أخطاء التربية.
هذه الجزئية الأخيرة قد أدت بشكل مباشر إلى تفشي العلاقات المحرمة بين الفتيات والشباب ومسألة الزواج العرفي، أما التأثير الآخر فهو خروج شخصيات غير سوية للمجتمع وغير مؤهلة لتحمل المسئولية، شخصيات لا تعرف مفهوم الإيثار لأنها لم تتعلمه، فهناك قاعدة تقول أنك حين تهتم بأبنائك فأنت تعلمهم أن يهتموا بالآخرين وحين تهتم بنفسك تعلمهم أن يهتموا بأنفسهم فقط، وحين يفقد الأبناء ثقتهم في آبائهم كأن يكونوا كثيري الكذب عليهم بقول شئ وفعل شئ آخر أو إطلاق وعود كاذبة هدفها تحقيق انجاز قصير المدى فأنت تخرج أبناء فاقدي الثقة في المجتمع بأسره.
الزواج الثاني
هناك ملحوظة أخيرة وهو أن كثرة تعدد الزوجات في هذه الأيام يأتي كنتيجة مباشرة لتدهور الأحوال بين الزوجين. فالرجال الذين لا يستطيعون هدم بيوتهم يبحثون عن مخرج لحياة أفضل مع إمرأة تستطيع أن تمدهم بالشئ المفقود في زوجتهم الأولى وهو الاهتمام به شخصيا وأن يكون محور حياة هذه الزوجة لينعم معها، ولأن الزوجة الثانية تعرف المشكلة وتعي ما يبحث عنه هذا الرجل وتعرف ايضا أنها ليست آمنة من الطلاق فهي نادرا ما تقع في أخطاء الزوجة الأولى التي كانت كل مشكلتها اهتمامها بنفسها وعدم ادراك وجود انسان آخر يحتاجها واحساسها بالأمان الشديد من تركه لها، وهي لا تدرك أنها مخطئة في ذلك إلا حين تجد زوجها يطلقها أو تعرف انه تزوج عليها وهنا فقط تدرك أن الأمر كان يستحق بعض العناء وبعض التضحية.
بسم الله وبعد… إن أذنتم لي بتعليق فهذا هو..
لعل الجهل هو السبب المشترك الذي يؤدي للطلاق.
جهل رسخ له الزعماء لعقود من الزمن جعل من اليسير على دهاقنة الكفر من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا أن يبثوا سمومهم من خلال الصحف والمجلات وشاشات الفضائيات وشبكات التواصل التي تدعوا إلى حرية المرأة، تلك المرأة التي صدقت أن الزواج سجن لها وعبودية لزوجها، بل وحتى بعض الأزواج صدقوا هذه الفكرة الخبيثة، كثيرة هي الأقلام المأجورة والأفواه التي تنفث السم استغلت جهل الطرفين بالحكمة من الزواج في الإسلام فكان سهلا عليها غسيل الأدمغة والتلاعب بدين الناس وأخلاقهم وإخراجهم من حالة السكن التي كانوا فيها إلى حالة التحلل والصراع.
كان سهلا على ملاحدة الفكر الخبيث أن يخرجوا المرأة من حياءها وعفافها لتكون سلعة زهيدة الثمن في الأسواق والمكاتب والطرقات، فكان الاختلاط والهرج الذي ألجم أفواه العلماء على المنابر ودعم شياطين الإنس تبث سمومها في قصص حب وهيام وأغان رقيعة ومسرحيات سخيفة ومجلات تعرض الأنثى كما تعرض السلعة حتى اعتاد الناس على مشاهدة المحرم وسماع البذيء وكشف الأسرار التي لا ينبغي أن تخرج من غرف النوم.
صدقت الأنثى أن هذه هي حريتها إذ تصبح في متناول كل فاجر متى شاء.
سهل لذلك كله قوانين قادة أمة رخصت دور الفجور والخمور وسنت قوانين جائرة بحق الأسرة والمجتمع، لم تكن هذه إرادة حرة بل كانوا تبعا لأولياءهم الذين أوصلوهم إلى كراسي الزعامة.
وأظهرت المرأة في الإعلام والأفلام بدور المظلومة والمستعبدة طورا كي تنال تعاطف المشاهد، وبدور القوية التي تدير الأمور كي تكون قدوة لغيرها من النساء.
كان سعيا حثيثا لإخراج المرأة حتى أن أساطين الكفر من قيادات الغرب استقبلوا النساء الداعيات إلى السفور والخروج للمطالبة بما يدعونه حقوق المرأة في دولهم وكرموهن وأشادوا بهن، كل ذلك كي تقتنع المرأة الشرقية بأن الحرية في النوذج الغربي الكافر وأن الإسلام تخلفا ورجعة، ولقد نجحوا في ذلك أيما نجاح.
كانت الدعوات إلى تأخير سن الزواج وأن ابنة ال15 وال16 عشر ربيعا طفلة لا يجوز تزويجها، بينما يجوز أن تمارس الزنا وتجد القانون الي يحميها، وكأن الزواج بات معروضا وبناتنا لا يشتكين العنوسة، ضيقوا على الشباب في معيشته فبات عازفا عن الزواج عازفا على وتر الإنحلال والمتعة المحرمة، فقد قلنا أن سياسة التجهيل أدت إلى جهل أبناء مجتمعاتنا ذكورهم وإناثهم في كل شيء خاصة دينهم فلا يدرون حق الله ولا حقوق زوجة ولا زوج ولا ولد ولا أم ولا أب، مجتمع تفككت أسرته فتفككت أواصر القربى وضُيِّعت الحقوق، وباتوا كقطيع خلف كل ناعق وكل يردد عبارات الحرية والديمقراطية التي يسمعها ولا يعيها.
هو الجهل الذي أدى بالناس إلى حب الشهوات واتباع الهوى تقودهم الغرائز التي عطلت حلالا ويسرت حراما دون النظر في تبعاتها من عذاب الله إلى التهارج والقتل في الدنيا إلى الإصابة بأمراض الجنس التي تكلف الدول موازنات ضخمة من علاج ورعاية للقطاء الذين باتوا يوجدون في الطرقات وعند حاويات القمامة فضلا عن أمراض الأخلاق، وتكلف الدول بسجن البعض خوفا من التارات وهذه لها كلفها أيضا.
فأي حياة جاهلية تحياها الشعوب وقد استجلبت من الغرف عهره وفجوره ولم تستجلب صناعته وتكنولوجياه وظنت أن الحضارة في امرأة سافرة فاجرة وشاب رقيع لا يأبهون بعواقب رذائلهم في دنيا ولا في آخرة.
وهكذا خربت البيوت التي هي نواة المجتمع، فإذا كانت النويات خربة فالمجتمع خرب بلا شك.