التواضع بين الحقيقة والكذب
بقلم هاني مراد
إنني مشغول للغاية. إنني شخصية مهمّة! إنني أحد العلماء، أو أحد العباقرة، تواضعا مني!
إنني أحد الأفذاذ! كما إنني عالم في الشرع والدين! وها هي اللحية تثبت قصتي!
إنني إذا ما قابلت أحدهم، تبسمت في وجهه وشددت على يده تواضعا! وكلما ذُكر التواضع، ذكرت قصتي! ألم أخبركم أنني متواضع؟
لكنك أيها المتواضع، يحمرّ وجهك وتثور ثائرتك، إذا خالفك أحدهم، فضلا عن أن ينتقدك!
وأنت أيها المتواضع، عندما تضع منشورا على صفحات الإنترنت، قد تردّ على بعض المعلقين! أو قد لا تردّ! وقد تتفضّل بإشارة إعجاب، أو قد تتناسى تلك الإشارة، ثم إن كل منشوراتك تدور حول ذاتك!
ألم أقل لك إنني مشغول للغاية، وإنني أحد العلماء؟ هل ترى كل الناس فارغين مثلك؟ ثم كيف يجرؤ أحدهم وينتقدني أو يخالفني؟
لكنني رأيت من تكثر مشاغلهم، ومع ذلك يردون على التعليقات، ويحرصون على الاستجابة لها، ولو باستحسان أو بمجرد إشارة! ويستقبلون النقد والخلاف بصدر رحب! بل قد ينزلون عن رأيهم! ثم لا تدور كل منشوراتهم حول ذواتهم!
أين؟ أين؟ لكنني قد أردّ لأثني على إطراء! أو لأضفي مزيدا من التواضع على كلامي، أو على ابتسامتي إذا قابلتك وصافحتك! ألا يكفي كل ذلك من تواضع؟
كفى! كفى! إن كريم الأصل كالغصن، كلما ازداد من خير، تواضع وانحنى.
عن الكاتب
مترجم محترف ومراجع ومدير ترجمة، عمل في مصر وخارجها، وكاتب لمقالات الرأي. ترجم العديد من الكتب والدراسات الإنجليزية إلى اللغة العربية، في مجالات مختلفة.
حصل على درجة الليسانس في اللغة العربية، وأخرى في اللغة الإنجليزية. عمل في مصر في مجال تعريب برامج الكمبيوتر، ثم عمل لعدة سنوات خارج مصر.
عمل مديرا لقسم الترجمة بجريدة الشرق الأوسط الدولية التي تصدر من لندن. كما شارك في تأسيس مؤسسة “دار الترجمة” للتعريف بالإسلام بمختلف اللغات، وعمل مديرا لقسم الترجمة العربية بها.
ألف بحثا عن فن الترجمة، وآخر عن سيرة النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، كما شارك في تأليف كتاب عن الكتابة التجارية باللغتين العربية والإنجليزية.
يعمل حاليا في مجال الترجمة والمراجعة، ويقدم خدماته للعديد من الشركات والمؤسسات العربية والدولية.
يمكن التواصل عبر البريد الإلكتروني: hanymourad2@yahoo.com