ارحموا أولادكم.. ولا تقارنوهم بأولاد الآخرين
بقلم هناء المداح
من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها العديد من الآباء، والأمهات في تربية أولادهم: عقد مقارنة فجة، غير مبررة بين أولادهم وأولاد الآخرين، لا سيما في مستوى الذكاء، أو الطباع والسمات الشخصية، غير واعين بأن البشر ليسوا سواء، وأن هناك فروقا فردية بين الأولاد جميعهم، وعوامل عدة في التربية والتعليم وأسباب مختلفة منها ما هو وراثي أو متعلق بأسلوب المربين في التنشئة تؤثر جميعها في تكوين الأبناء ومستواهم الأخلاقي والتعليمي وغير ذلك.
فلا شك أن المربين الذين يعيشون دومًا بين مطرقة السخط على حال أولادهم، وسندان مقارنتهم بغيرهم من الأولاد يرهقون أنفسهم وعقولهم في المقام الأول بتركيزهم على رؤية نصف الكوب الفارغ طول الوقت وتجاهل النصف المملوء الإيجابي، فضلا عن إرهاق أولادهم وتحميلهم ما لا طاقة لهم به، وجعلهم يشعرون بالنقص والضآلة؛ لأسباب لا دخل لهم فيها، فيصابون بحالة من الإحباط واليأس، وتقل أو تنعدم رغبتهم في بذل المزيد من الجهد لتحسين مستواهم، لأنهم مغضوب عليهم من قِبَل من يربونهم وموضوعون تحت مقصلة المقارنة المدمرة سواء أحسنوا أو أساءوا،
ومن ثم يتسبب الأب أو الأم التي تتبع هذا الأسلوب الخاطئ في التربية في تعطيل ابنها وكبته وحبس قدراته الإبداعية، كما تقتل فيه أي رغبة في التميز في أي جانب، إذ يترسخ لديه شعور بالدونية، وأنه أقل من الجميع، فيصبح بمرور الوقت ساخطا على نفسه، وغير واثق فيها، وربما يصير انطوائيا شديد الخجل، ولا يستطيع مواجهة الناس ولا التكيف والتعايش مع مجتمعه.
فحين تقول الأم لابنها مثلًا: “فولان أجمل منك.. أو علان أذكى منك”، وعندما تصف أولاد الآخرين بصفات حسنة، في الوقت الذي توبخه فيه وتصفه بصفات سيئة، فهي بذلك تبالغ في عقابه وتجعله يكره من تقارنهم به، كما تجعله يشعر بكره وجوده في الحياة ويظن أنه ما خُلِق إلا ليتألم ويُعذَّب نفسيًا على يد أمه، أقرب البشر إليه!
لذا، يجدر بكل أب وكل أم أن يرضوا برزق الله الذي قدره في أولادهم، ولا يسخطوا عليهم، حتى لا يسخط هؤلاء الأولاد عليهم بعد ذلك، ويعتبروهم أعداء وسبب فشلهم وضياعهم في هذه الحياة.
فمن يزرع حلوًا، يحصد حلوا. ومن يزرع حنظلًا سيجني حنظلا. كما أن الكلمة الطيبة صدقة ولها تأثير عظيم في نفوس الأولاد، ويمكن أن ترفعهم إلى عنان السماء، إذا كانت كلمة مشجعة، تنم عن حب وتقدير وفيها ثناء ومدح يسعد القلب ويَسُر النفس.
عن الكاتبة
ليسانس آداب قسم لغة عربية جامعة عين شمس
كاتبة اجتماعية
يمكن متابعة كتاباتها على صفحتها على الفيسبوك