أعد ترتيب أولوياتك إن كنت تفشل في الجمع بين الصيام والطاعة في العشر الأوائل من ذي الحجة
عنوان الموضوع غريب لكن هذه هي الحقيقة المستفزة ا!!
لو أيقن الناس حقيقة معنى الصيام وطبقوه حرفيا لكان الصيام لهم شاملا جامعا لجميع أنواع الطاعات لكن الحقيقة ليست بهذا الشمول.
أحد الأمثلة على أرض الواقع لصائم منذ اليوم الأول من الأيام العشرة الأوائل من شهر ذي الحجة يقوم من نومه بأعصاب مشدودة لأنه لم يأخذ شايه أو قهوته صباحا ثم يذهب إلى عمله خاملا غير قادر على أي إنجاز والمبرر أنه صائم وسيظل هكذا لمدة عشرة أيام. قد يعطل مصالح الناس أو قد يقلل من إنتاجية المكان أو قد يضايق زملاءه ويضع عليهم عبء عمله ويحملهم أكبر من طاقتهم ثم يعود إلى البيت متعبا لينام حتى موعد الإفطار. بعد الإفطار يبدأ الهضم وتعطل الحياة حتى يعود الإنسان لطبيعته وهو غالبا لا يعود إلا ليبدأ رحلة السحور.
وينتهي يومه وقد أساء لزوجته وأبناءه لأنه متعب وعصبي وإن كان يقوم بأي نشاط خاص ببرر الوالدين أو صلة الرحم فهو يوقفه لحين انتهاء العشرة أيام ودخول العيد، كما أنه لا يكون في حالة ذهنية تسمح له بالخشوع وتدبر القرآن وقيام الليل لا يكون هناك مجالا له لأن الشخص غالبا سيكون تركيزه على السحور.
المحصلة أن الصيام هنا أوقف أي إحتمال لأي عمل صالح بل سيكون الإنسان أقل في الطاعة من الأيام العادية.
الطبيعي حين يحين موعد العشر الأيام الأوائل من ذي الحجة أن يبحث الإنسان عن أكثر الأعمال الصالحة التي يستطيع أن يقوم بها ابتغاءا لمرضاة الله. إن كان أحد هذه الأعمال شاق عليه وسيعيق أعمال أخرى فعليه إعادة ترتيب أولويات الأعمال الصالحة حتى يصل إلى القيام بأكبر قدر من الطاعات واستغلال كل الوقت وكل الفرص لتهذيب النفس والارتقاء لمنزلة تسهل على الإنسان الالتزام بهذه الطاعات في الأيام العادية.
هكذا يبحث المرء عن إرضاء الله بكل السبل المتاحة لديه والبحث عن الإكثار منها.
إن كان الصيام سيعيقك عن الحياة في طاعة فعليك أن تجعل الصيام في أضيق الحدود في مقابل الحرص على الطاعات الأخرى.
لا تجعل الناس من حولك يحملون هم العشر أيام الأوائل من ذي الحجة لأنك ستسئ إليهم وستبخس حقوقهم عليك وهو عكس مفهوم هذه الأيام.
وقد جمعت في هذا الموضوع: طاعات منسية في العشر الأوائل من ذي الحجة عددا من الأعمال الصالحة والطاعات التي يمكن للإنسان القيام بها بعيدا عن الصيام. والحقيقة أن هذه الأعمال هي التي تهذب نفسك لتستطيع أن تقوم بعبادة الصيام كما يحب الله ويرضى.
مع العلم أنه من المفترض كما ذكرت سابقا أن الصيام بمعناه الحقيقي يجب أن يضم تلقائيا جميع الطاعات في كل مجالات الحياة. ولكن حتى يستطيع الإنسان أن يقوم بذلك عليه أن يحاول بما يستطيع حتى يرتقي في الأعوام التالية ويصبح العمل الصالح جزءا من تركيبته الطبيعية كمسلم فتتبدد مشقة الإلتزام بكلا من الصيام والعمل الصالح معا.