نعمة الاستبصار بالذنب
الكل يسير في طريقه معتقدا أنه الأفضل، بعضهم يعلم أنه على باطل ويرضى لنفسه بذلك والبعض الآخر يعرف في داخله أنه يفعل ذنبا وضميره يؤرقه ويظل على هذا الحال وإما يستسلم للذنب أو يتوب عنه.
ولكن هناك فئة يغيب عنها حقيقة ما تفعله وتعتقد تماما أنها على الحق وتسير بثقة في اتجاه ما تفعل، بل تلقي باللوم على من يختلف عنها أو معها ولكنها في واقع الأمر تفعل ذنوبا ليست ببسيطة.
قد يتغير الوضع فجأة بالنسبة لأحد المنتمين إلى هذه الفئة فيستيقظ لهذا الذنب ويراه ويعترف به ويتوب عنه ولا يعود إليه مرة أخرى ويكون قد تعلم الدرس، ولكن قد يظل كثير منهم في غفلة حتى تنزلق أرجلهم فيما هو أشد ذنبا مما يفعلوه .. وهنا نعمة الاستبصار بالذنب.
الاستبصار بالذنب ليس ذكاءا وليس تدبرا .. هو ليس سوى إخلاص النية لله وهو سبحانه يرزقك هذه النعمة .. الإخلاص فقط .. ومهما قمت بعباداتك على أكمل وجه لا يوجد طريق للاستبصار بالذنب إلا إخلاص الدين لله.
غالبا يكون هذا الذنب من وسوسة الشيطان فهو حين يجد إنسانا ملتزما ولن يستجب لفعل حرام صريح يجذبه لفعل حرام آخر باسم الدين كالاستزادة من حلال الدنيا حتى يتلهى عن الآخرة، أو أن يجعله يُعلي من سنة على حساب فرض أو يظلم الناس معتقدا أنه يفعل ذلك لله وأن هذا هو واجبه، أو يقصر في حقوق من حوله وواجباته تجاههم بحجج مختلفة.
قد يظلم الإنسان مرؤوسيه ظنا منه أن ما يفعله هو من قبيل حسن الادارة، قد يظلم الزوج زوجته أو الزوجة زوجها اعتقادا منهما أنهما يقيما حدود الله كما أنزلت، قد يظلم الأب أبناؤه اعتقادا منه أنه يربيهم وهذه نماذج من أمثلة لا نهائية على ذنوب قد يفعلها المرء باسم الدين معتقدا أنه على حق وهو في حقيقة الأمر يعصي الله بشكل صريح وفج وقد يظهر ذلك لكل من حوله وهو الوحيد الغارق في وسوسة الشيطان ومقتنعا أنه على حق والناس لا تفهمه، وقد يقتنع أحدهم أنه وصل إلى درجة عالية من الثقة في دينه فيتصرف دون تفكير ويعتقد أن أي تصرف يخرج منه هو شرع الله ويظل هكذا حتى يحيد تماما عن الصراط المستقيم.
المخرج الوحيد هو إخلاص الدين لله حتى يهديك ويثبتك على الحق ويعلمك ويكشف مكائد الشيطان لك.
الاستبصار بالذنب رزق وادعو الله أن يرزقكم جميعا بهذا الرزق الطيب وأن يهديكم إلى الصراط المستقيم