فيلم رعب
بينما كنت أبحث عن احدى القنوات وقع نظري على مشهد من فيلم رعب أجنبي بعد أن أحاط الخطر الأبطال من كل مكان، مشهد تقول فيه البطلة للبطل وهي تبحث عن أي أمل للنجاة: هل تؤمن بوجود إله، فنظر إليها بتعجب وقال: كيف؟ قالت: أقصد إله حقيقي يحفظنا ويرعانا. قال: أحيانا، وانتهى المشهد على ذلك.
هذا المشهد جعلني أقول الحمد لله، فإن وجود الله وأنه سبحانه منَّ علينا بمعرفته نعمة كبيرة لا يشعر بها إلا من فقدها. فمن لا يعرفونه يعيشون حياة صعبة كلها خوف وترقب، حياة انشغلوا فيها بمتغيرات لا يستطيعون التحكم فيها ويجدون الأحداث تأتي بغير الهوى ولا تأتي إلا بالهم والحزن، تضرب بهم يمينا ويسارا لا يعرفون لها سببها، لا يعرفون من أين أتوا وأين يذهبون ولما خلقوا، كما أن عنصر الصدفة يلعب في حياتهم دورا رئيسيا وكأنها الحياة مقامرة، منهم من هو تعيس ومنهم من هو غني بلا سبب من وجهة نظرهم مما يعطيهم شعورا بالظلم.
أجمل ما في حياة المسلم علاقته بربه وعلمه بصفاته، فهو يعرف أن كل ما كتبه الله عليه خيرا، وأن الله هو الرحمن الرحيم وأنه يحفظه في كل وقت ويعرف أيضا أن الله يبتليه ليطهره وأنه مأجور على صبره، وإن دعا فهو يعرف أنه لا يدعوا اصم بل لديه يقين باستجابة الدعاء فإنه سبحانه قال في كتابه العزيز “ادعوني أستجب لكم”، “اني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان”، ويعرف أنه لم يخلق لادارة الكون بل إن الله تكفل بكل شئ وليس علينا إلا العبادة والتوكل، ولا أقصد العبادة بالصلاة والزكاة … ولكن العبادة بما فيها من حقوق الآخرين والأخلاق والعلم والعمل والجهاد. تحيا وأنت تعلم أن لك ظهرا يحميك، فمن يعتمد على معارفه تراه فرحا مطمئنا بهم، فما بالك من أسلم وجهه لله حتى تولى الله أمره أما سمعت تلك الأيات:
إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) – سورة الحج
……. وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) سورة الطلاق
إن الله قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته : كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت وأنا أكره مساءته
الراوي: أبو هريرة – خلاصة الدرجة: صحيح – المحدث: البخاري – المصدر: الجامع الصحيح
ديننا ليس فيه صدفة فكل شئ له سبب، رؤيتك لشئ في وقت معين له سبب تعلمه في وقت لاحق، ضياع شئ منك اليوم له مدلول آخر في يوم آخر. وأحيانا تجد الأحداث من حولك تحدث في آخر لحظة، وكأن الله يعلمك كيف أن هذا الشئ إن كان الله سبحانه وتعالى قد كتبه عليك فإنك ستراه ولو في آخر لحظة فلا تنشغل به، فيعلمك التوكل
ديننا يكفل لكل مؤمن شعورا داخليا قويا بالأمان يساعد على الاستقرار النفسي، (وأقصد هنا الأمان النفسي، فالمؤمن لا يأمن مكر الله به أبدا)، هذا الشعور بالأمان نعمة كبيرة حرم منها غير المسلم خاصة في الغرب، هكذا أعجب لمسلم يعرف هذا ويصر على فعل ما يغضب الله، كيف يأمن على نفسه، اقرأ هذه الآيات:
” أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ (45) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ (46)” سورة النحل
“أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ (97)أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98)أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)” سورة الأعراف
كيف نتكبر على الله وليس لنا من الأمر شيئا ولا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا، كيف نحسب لغضب الناس ألف حساب (خاصة لو ناس واصلة) ولا نضع لغضب الله في قلوبنا أي حساب، بل إن البعض يطيح في الأرض كأن ليس للأرض خالق، كيف نأكل حقوق الناس ونظن أننا سنفلت من العقاب، أين سنذهب والله معنا أينما كنا.