زوجية

من ينصح ومن يتخذ القرار

2159Dep33929سلسلة من غرائب أحداث الطلاق

جملة كثيرا ما سمعتها

“يا بنتي متطلقيش .. على فكرة .. الأولاد أحسن لتربيتهم إنهم يكونوا مع أبوهم ولو كان ابن كذا … ولو كان حيقطعهم حتت ولو كان بيبهدلهم .. مش حيطلعوا كويسين غير لما يعيشوا معاه”

أظن أن هذه القاعدة التربوية النفسية ليس لها أساس إلا في أذهان بعض مدمني النصائح من الجاهلين بها وبأصولها .. فدائما ما أجد في الشدائد من يدس أنفه مصرا على إسماع نصيحته ومصرا على إجبار من أمامه عليها مع أنه أحيانا ما تكون علاقة الناصح لفريسته مجرد معرفة “من بعيد لبعيد”، أو مثلا زوج بن خالة بنت عم جوز خالة أحد الأصدقاء .. وحتى لو كان من القريبين جدا ولو كان الأب أو الأم ولا أقول هنا تجاهل نصائحهم ولكننا نتحدث عن قرار في حياة شخص ما، هذا القرار يجب أن يكون مناسبا لطبيعة هذا الشخص وقدرته الشخصية على التحمل من عدمه، وقدرته الشخصية على تحمل تبعيات هذا القرار.

لماذا دائما يريد الآخرون فرض ما يتناسب معهم على إنسان آخر واجباره على تحمل تبعيات قرارهم هم مع العلم أنني لاحظت أن كثير ممن يتحدثون وينصحون تدور عليهم الأيام ويكونوا في نفس الوضع ويختارون عكس ما كانوا ينصحون به .. والفاجعة هنا تكون لمن صدق نصيحتهم وضيع حياته بسببهم ولم يثق في نفسه وفي قراره

أغلب الناس لا يستطيع أن يتقبل فكرة أن كثير من الموضوعات لا يكون الرأي فيه بالخطأ أو بالصواب ولكن كله صواب على حسب ما يناسب كل شخص، أي أن مسألة الصواب فيها مسألة نسبية جدا تتوقف على شخص متخذ القرار

وعلى هذا الأساس يجب أن نتعلم كيف ننصح الآخرين بموضوعية بحيث لا ننظر لأنفسنا ونقرر ولكن نضع أنفسنا مكان من أمامنا وننصح .. ولصعوبة ذلك فمن الأفضل إذا كنا مصرين على المساعدة أن نُخرِج الحل من فم صاحب المشكلة دون تدخلنا ولو حتى بالرأي .. ولو اختار ما لا يناسبنا

مثال حتى يسهل الفهم للجميع

امرأة تريد الطلاق (س) وصديقتها المتزوجة (ص) تنصحها

من غير المعقول أن تتخيل (ص) زوجها وهي تنصح (س) بعدم الطلاق لأن زوج (س) مختلف تماما عن زوج (ص) .. لذا قد تساعد (ص) صديقتها (س) حين تسألها بعض الأسئلة التي تجعلها ترتب أفكارها وتقرر المناسب لها دون تدخل ..

هذه الأسئلة مثل:

هل أصبحتي تكرهينه؟ هل إذا غير شئ من سلبياته سترجعين عن الطلاق؟ هل تتحملين أن يتزوج بعد طلاقك بأخرى؟ إذا سمعتي الآن خبر موته ماذا ستشعرين؟

والردود ستكون حاسمة إذا تم طرحها بعد هدوء وإنفصال أسبوع على الأقل أو حتى شهر بين الزوجين حتى لا تكون الأعصاب مشدودة وتكون الردود صحيحة وغير إنفعالية.

إذا كانت الردود على هذه الأسئلة في صف الزوج ولو بتردد فإن الطلاق لا يناسب هذه الشخصية وأفضل للجميع التدخل للصلح ولو كان بوضع مهلة يُبعدان فيها الزوجين عن بعضهما حتى يهدئا ويناقشا المشكلة الحقيقية بهدوء دون انفعال.

أما إذا كانت جميع الردود في غير صفه فلا فائدة والطلاق أفضل لكلاهما .. فمن غير المعقول أن تبقى امرأة زوجة لرجل وهي تتمنى أن يموت ويحن يتأخر في الرجوع تفرح لأن هناك احتمال أن لا يرجع. ومن الغباء أن يصر رجل على ابقاء زوجة بهذا الشعور تجاهه على ذمته.

هناك العديد من الأسئلة الأخرى التي تساعد بها الصديقة صديقتها مثل:

ماذا ستفعلين بعد الطلاق بالنسبة للسكن والانفاق والعمل وعبء الأولاد؟ هل تضعين في اعتبارك مسألة الزواج؟ وكيف ستتعاملين مع مسألة أولادك؟ هل لديك خطط لما بعد الطلاق؟ هل ستستطيعين التعامل مع لقب مطلقة؟

هذه الأسئلة لا تعني اختيارات مستقبلية فعلية وليس لها معنى إلا أنها تعطي انطباع عن تنظيم أفكار من تريد اتخاذ القرار، أي أنها تعرف ماذا ستفعل، ولكن المستقبل بيد الله، ومن يتق الله يرزقه من حيث لا يحتسب، لذا من تتق وتصبر تجد الله يتولاها برحمته وتجد أمامها ودون معاناة كل الظروف التي تناسبها وتتعاطف معها، ولكن الهدف من الرد على هذه الأسئلة وضع الشخص أمام الحياة الواقعية لما بعد قراره وهل سيستطيع التعامل مع التبعيات أم أنه من الأفضل الرجوع فيه لأنه فكر في اللحظة ولم يفكر فيما بعدها ولا يستطيع ان يتحمل التبعيات.

أما عن الجملة الأولى في هذا الموضوع وكانت نصيحة امرأة لامرأة أخرى فهي درب من الجنون لأن من المعروف أن الحياة مع أشخاص غير أسوياء يؤثر على آخرين بشكل سلبي، والحياة مع أشخاص أسوياء يؤثر بشكل ايجابي، مهما كانت صلة الأسوياء أو غير الأسوياء بمن يعيشون معهم. فإذا كان الأب غير سوي سيؤثر على أبنائه أو أي شخص آخر يعيش معه من غير أقاربه أصلا بشكل سلبي بل ومدمر.

وتعريف السوي الذي أقصده هو:

الذي تتفق تعاملاته اليومية العادية وردود أفعاله في المواقف الحرجة بما يتفق مع شرع الله وسواء زاد عليه أو نقص فلا يكون مستمرا أو له أثر تدميري على نفسية المقيمين معه.

اظهر المزيد

داليا رشوان

هذا الموقع هو عالمي الخاص الذي أردت أن أنشر من خلاله مشاهداتي والنتائج التي توصلت لها من خلال بحثي المستقل كما أضفت للموقع بعض الأقسام العلمية التي أقصد بها زيادة الوعي والتثقيف العلمي في عالمنا العربي. دراستي الرئيسية طبية وهي الكيمياء الحيوية ومنها تعلمت ما يتعلق بالنفس البشرية بأسلوب علمي تطبيقي وليس فلسفي، مما جعلني أخرج بأساليب عملية تجمع بين العلم والشرع لتيسير الحياة على الناس وإيجاد وسائل السعادة والرضا لهم. للمزيد عني يمكن زيارة هذه الصفحة: عن الكاتبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
×

مرحبا!

للحالات التي تحتاج دعم نفسي واستشارات أسرية (بواسطة التليفون أو برامج الاتصال الصوتية) يمكن التواصل والحجز واتس أب

× تحدث معى عبر واتس أب