إسلاميةمفاهيم إسلامية

كلام في الحب

love2الحب شعور ممتع .. يحتوي قلب الإنسان وعقله .. يبدل الحياة .. يبعث داخلك الدافع والأمل

شعور يحتاجه المحب أكثر مما يحتاجه المحبوب

لكن إستمرار هذا الحب يعتمد على تغذية نفسية من المحبوب فإذا بادلك محبوبك نفس الشعور كان هذا الحب أجمل ما في حياتك أما إذا وقعت في حب من طرف واحد انقلب إلى شعور كريه بغيض لا يتمناه أو يسعى إليه أحد.

على أرض الواقع تصطدم أحلام الحب وتتبدد إما لأن أحد الطرفين لا يستطيع أن يرقى لتوقعات الآخر منه فيحبطه، أو أن المحبوب يمل من المحب ويصبح عبء عليه، أو أن يغدر أحدهما بالآخر أو يفتر الحب بينهما أو يتوفى الله أحد المحبين وهذا حال الدنيا.

ولكننا خُلقنا وفي قلبنا طاقة للحب إذا لم تخرج حرقتنا بنارها

ومن يستحق هذا الحب أكثر من خالقه

أجمل ما في حب الله أنك تستطيع أن تحبه بكل طاقتك وأن تتقرب له ليل نهار فهو لن يمل منك ومن حبك كما يفعل البشر بل سيعطيك أضعاف حبك حبا، ولن يستغل إقبالك عليه ليأخذ منك بل سيعطيك أكثر بكثير مما تعطي أنت.

أجمل ما في حب الله أنك تستطيع أن تكشف أمامه ضعفك (وهو أعلم به) وأن تطلب منه الملجأ والسند في كل وقت فهو لن يستغل ضعفك ولن يتخلى عنك.

أجمل ما في حب الله أنك تجده معك في كل مكان وفي كل وقت وهو يعرف سرك وجهرك وقتما أردت أن تناجيه تجده هو السميع البصير، تناجيه بالساعات وهو يسمعك، ولو كنت بين الناس وعلت أصواتهم فصوت قلبك عند الله أعلى منهم.

أجمل ما في حب الله أنك لا تحتاج أن تنقل له ما تفعله لتثبت له أنك تحبه فإذا ذكرته في نفسك أو في جمعٍ هو يسمعك وإذا فعلت شيئا لوجهه لا يراه أحد هو يراه سبحانه بل يعلم ما لا تعلمه أنت عن نفسك لذا فإنه لا يظلمك أبدا ولا يبخسك حق حبك أبدا.

أجمل ما في حب الله أنه سيتسامح معك إلى أبعد الحدود طالما عدت إليه وطلبت السماح ولن يذلك ليسامحك أو يحمل ضغينة تجاهك كما يفعل البشر.

أجمل ما في حب الله أنه ليس له نهاية.

والعبد إذا أحب الله أحاطه سبحانه بما يغمر حياته كلها بهذا الحب فينصره على عدوه ويمنحه العزة والرزق الكريم وإذا وقعت عين هذا العبد على شئ أحبه واستحى أن يطلبه من ربه أعطاه الله له ولو لم يدعو به، وإذا أذاه الناس دافع عنه وإن لم يعرف عن من آذاه شئ، يستره سبحانه في الدنيا والآخرة ولا يرضى له إلا بكل جميل وكريم، وبذلك ترى هذا العبد في زيادة دائمة من هذا الحب حتى لا يرى أو يشعر بالإبتلاء الذي يزيد طرديا بزيادة الإيمان، فهو متواصل مع الله مستمتع به سبحانه يرى الله في كل ما حوله فلا يرى ما يراه الناس ولكن يرى الأحداث على حقيقتها فيعيطها بقدر ما تستحق ويعرف أنها لا تزن عند الله جناح بعوضة.

واتذكر أنني حين اشتد علي أحد الإبتلاءات، ووسط انشغالي بهذا الذي فعل وهذا الذي أخذ وهذا الذي ظلم وماذا قال هذا وذاك، جلست في حجرتي ليلا مع إضاءة خافتة وصمت الليل أقرأ القرآن وكأن آيات الله قد اخترقت عيناي وتشبع بها جسدي حتى احتوتني وصرت فيها ونسيت كل شئ، وبمجرد أن توقفت خرجت من كل هذا الشعور متأثرة بما حدث وظللت أفكر فيما كنت عليه وأقول لنفسي:

“ماذا شغلني في الفترة الماضية؟ فلان وعلان وغضبي من هذا الظلم والتلهي في إيجاد مخرج، وإذلالي في محاولة اللجوء لبشر للبحث عن حلول وإحساسي بالضعف لأن هذا الفلان قد جهز لي معارفه من الكبار للإستيلاء على كل ما أملك وما لا أملك، وإحساسي بالنقمة على المجتمع الذي يراني ولا يفعل شيئا، بل الذي بادر بعضه ليزيد على الظلم ظلما.

لو مت الآن سأنتقل إلى ما هو أكبر من ذلك، اهتمامي لن يكون بهذه المشاكل التافهة، اهتمامي سيكون بما نفعني منها، ولن ينفعني منها إلا كيفية ادارتها، وماذا كان رد فعلي الأول في كل مرة أسمع فيه أذى جديد، أين كان قلبي وقتها وهل كان مع خالقه مطمئنا به أم جازعا ناقما كاسرا قيود حدود الله باسم الظلم، إن الأمر أكبر مما أنا فيه، إن لهذه الدنيا ربا أحتمي به وخالق السماوات والأرض لن يعجزه أمري، فلأثبت له سبحانه أن يقيني فيه أكبر من أي شئ في حياتي.”

والحب عمل دائب وابتغاء رضا المحبوب سبحانه وتعالى، وقل كيفما شئت إثبات ما في قلبك يحتاج لعمل ولكي تثبت لنفسك أنك تحبه فتلك هي القاعدة:

التفضيل الفوري لحدود الله على كل ما في قلبك من الدنيا حين يتعارضا، وسرعة وقوة تفضيلك لهذه الحدود هي نسبة هذا الحب

كنت عند المحامي وبينما أنا انتظره تبادلت الحوار مع أحد مساعديه عن الالتزام فيحكي أنه مقصرا فلا أعلم ماذا جعلني أدخل في مسألة حب الله وقبل أن أستكمل قاطعني مؤكدا أن حب الله هو يعرفه تماما ويحكي لي ماذا فعل الله معه في مواقف كثيرة وكيف أنها مواقف مؤثرة جدا، فقلت له وماذا فعل أنت، فرد ببرود شديد “والله الواحد بيكسل عن حاجات كتيرة، بس كل ما أفتكر اللي عمله معايا أقول سبحان الله، الواحد فعلا مقصر”.

الحقيقة أنني صدمت ..

صدمت لأن الإنسان العادي إذا ساعده أحد شكره وظل يتذكر له هذا الموقف ويجامله به ليعدة أيام بعدها، لكن أن يقوم إنسان بمساعدتك فتتركه وتسير في طريقك وكأنك لم تر شيئا ثم تذكره بعدها وتقول سبحان الله فلان ساعدني فذلك يسمى قلة ذوق وسوء خلق وأشياء أخرى نقولها بالبلدي ولا داعي لها!!

هذا بالنسبة لإنسان ضعيف لا يملك لك شيئا سواء شكرته أو لم تشكره لن يتعرض لك بسوء ولن يعطيك ما يغنيك!!

أما أن تفعل ذلك مع الله ومع وضوح آياته لك وتعترف أنك مقصر بلهجة سلبية يبدو معها أنك لا تنوي أن تفعل شيئا على أساس أن مشاغلك في الدنيا لا تسمح لك بشكره فاسمح لي هذا غباء وغباء ليس سبا مني ولكن وصف قلة العقل.

لماذا؟

لأن أحداث حياتك ومماتك كلها متوقفة على قوة علاقتك بالله وحبك له عز وجل والإسلام له والتسليم بما أمرك به وما نهاك عنه، فيتوقف على ذلك درجة حفظ الله لك في الدنيا ومباركته لرزقك، كل الرزق، من أكل وشرب ومرض وحوادث وكوارث وأخبار مفرحة وأخبار محزنة وتقبل الناس لك وأسلوب تعاملهم معك، ثم تكون أحداث الآخرة والتي هي متوقفة أيضا على ما ذكرناه في البداية بدأً بحسن أو سوء الخاتمة وعذاب القبر ثم جميع أحداث القيامة من مقدار عرقك في انتظار الحساب وطول ثوبك وقوة نورك على الصراط وسرعة تجاوزك له،

والغريب أنت تعلم ذلك والأغرب أنك تعلم مكر الشيطان بك ومحاولاته المستميتة لإبعادك عن الصراط المستقيم وحيله وأنه أقسم أنه سيسوقك كالبهائم يحولك يمينا ويسارا كما يحب، وأنه أيضا قال أنه ليس له سلطان على عباد الله المخلصين وأنه سيتبرأ منك يوم القيامة ومن شركك ويقول أنه لم يكن له سلطان عليك إلا أنه دعاك فاستجبت له، كل ذلك وأنت تعلمه وتقرأه في كتاب الله في آيات كثيرة وتقنع بالضعف الذي في نفسك الذي يجعلك غير قادر على كبح جماح أهواء نفسك وأنت تعلم النتائج مسبقا كاملة التفاصيل.

في سورة الإسراء

وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً (65)

في سورة النساء

إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117) لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا (120)

في سورة إبراهيم

وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)

ولا تغتر بطول الدنيا وتؤجل للغد، اسأل من أصبح في الثلاثين من عمره كيف يشعر أنه غير مصدق هذا الرقم وفي حالة استنكار وحزن شديد عليه، فهذه أول مرة في عز شبابه يشعر أن العمر يجري وأن الأرقام تتصاعد، وأنه لن يبقى على حاله والوقت قصيرا جدا، وقد كان يظن أنه سيبقى في العشرينيات إلى الأبد وكان يظن أن الكبار كبار ومختلفين في تركيبتهم وفكرهم عنه ولا يعرف أن الكل في نفس السفينة وأن من هو في الخمسين والستين من عمره هو أيضا غير مصدق أنه طوى وراءه كل تلك السنوات، لأنها تجري وتجري ولا تقف لأحد.

هذه هي الدنيا فمتى تعود إلى الحبيب

اظهر المزيد

داليا رشوان

هذا الموقع هو عالمي الخاص الذي أردت أن أنشر من خلاله مشاهداتي والنتائج التي توصلت لها من خلال بحثي المستقل كما أضفت للموقع بعض الأقسام العلمية التي أقصد بها زيادة الوعي والتثقيف العلمي في عالمنا العربي. دراستي الرئيسية طبية وهي الكيمياء الحيوية ومنها تعلمت ما يتعلق بالنفس البشرية بأسلوب علمي تطبيقي وليس فلسفي، مما جعلني أخرج بأساليب عملية تجمع بين العلم والشرع لتيسير الحياة على الناس وإيجاد وسائل السعادة والرضا لهم. للمزيد عني يمكن زيارة هذه الصفحة: عن الكاتبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
×

مرحبا!

للحالات التي تحتاج دعم نفسي واستشارات أسرية (بواسطة التليفون أو برامج الاتصال الصوتية) يمكن التواصل والحجز واتس أب

× تحدث معى عبر واتس أب