إسلاميةمفاهيم إسلامية

الظهور على جثث الآخرين

skull_with_beanieبقلــم داليــا رشــوان

في كل مكان ومجال حولنا هناك أشخاص يعشقون الظهور ولكنهم لا يحبون الرقي بالعمل والإجتهاد، وأسهل وسائلهم لذلك هو هدم وتكسير كل من حولهم، حينئذ تجدهم واقفين شامخين لم يفعلوا شيئا إلا الظهور على جثث الآخرين.

وللأسف هؤلاء في زماننا كثير، بل في بعض الأوقات أشعر أنهم الأغلبية، حتى هدموا مجتمعات بأكملها ليظهروا عظماء واعتقد بعض الناس أنهم كذلك، ولا يدرك الحقيقة سوى من اكتوى بنارهم أو من هو على علم بطبائع الناس من حوله، وهذه الحقيقة هي اختصارا أنهم ليسوا أعظم الناس ولكن أحقرهم وكل ما هنالك أنهم لم يتركوا فرصة لمنافس شريف.

هي فكرة أنني لاشئ لذا أحب أن أدمر الآخر كي أظهر عليه لأن معايير الكفاءة لن تعينني حتى أصل لهدفي وأسُود، فالحل أن أهدم مجهود الآخر لأعلو عليه.

يظهر ذلك في نماذج عملية كثيرة منها:
أن تأخذ رأي أحدهم في شئ فعلته فلا يرد عليك بطيب أبدا ولا تسمع منه إلا نقدا هداما ثم يتبعه بجملة شهيرة وهي:
“أنا أقول لك ذلك لمصلحتك، لو كنت لا أحبك ما صارحتك بذلك، فلا تتضايق من تعليقي”

هذه الجملة طالما سمعتها بعد أن سبقها كلام لا أرضى أنا شخصيا أن أقوله لعدو فما بال قريب، وتفكرت في هذه الجمل المحبطة المدمرة لأي عمل إيجابي فوجدت أنها مخالفة تماما لأي نظرية إنسانية ولأي سنة نبوية أو أمر من الله تعالى فلا يرضى سبحانه لعباده بهذا الخلق في النقد ولا يمكن إقامة مجتمع مسلم سوي على هذا الأساس.

المبدأ الصحيح حين يسألك إنسان عن رأيك في شئ يخصه أن تبحث عن جمال هذا الشئ وتثني عليه وتشجعه ليتابع عمله ويحسن منه، وليس أن تبحث عن سقطة فتركز عليها حتى تظهر نفسك كناقد بارع وشخص ذو رأي وقدرة تمكنك من رؤية أخطاء الآخرين. وإن كان هناك شئ سلبي يجب مراعاته وتقتضي الأمانة أن تلفت النظر إليه فيمكنك الإشارة له بشكل بسيط يرضي محدثك وتتركه وهو في حالة إيجابية تمكنه من الإنجاز.

نهانا الله سبحانه وتعالى في آياته عن إبخاس الناس أشياءها، والإبخاس يبدأ من إحباط الآخرين بالنقد الهدام إلى مسائل التجارة وأخذ السلع والخدمات بأبخس الأثمان إعتمادا على إحتياج الآخرين للعمل.

وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (85) – الأعراف

وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) – هود

وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) – الشعراء

المبدأ السابق في التعامل مع طلب الآخرين لرأينا هو أحد الركائز الأساسية للدعوة إلى الله، فالدعوة لا تقوم على النقد وإنما تقوم على أن تبحث فيمن أمامك على أكثر النقاط إيجابية فتعطيه الأمل من خلالها وتحاول تنمية هذه النقطة الإيجابية حتى يجعلها الله سببا لإخراجه من الظلمات إلى النور، ولا يمكن أن تقوم الدعوة بل لم تقم يوما على نقد الآخرين وإحباطهم.

فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) – آل عمران

نماذج أخرى أيضا لهذا الظهور تجدها في مجال العمل حيث يبدو البعض لرئيسه أنه مجد لأنه يعمل كموصل جيد لأخبار الآخرين وأخطائهم وتقصيرهم ولو كانت قليلة، لكن وصولها أولا بأول تغطي على تجاوزات وأخطاء شديدة لغيره ولكن غير ظاهرة.

ومن هذه النماذج أيضا ما تجده بشكل خاص في المهن الحرة أو تلك التي تتطلب مهارات فردية، وأكثر ما أغضبني أن يحدث ذلك مع الدعاة وبين بعضهم البعض، وقد مررت بموقف يلخص هذه المسألة تماما سواء في مجال الدعوة أو غيره .. كنت أبحث على شبكة الإنترنت عن معلومة، فاستوقفني موقع ديني لشيخ كبير سنا ولكني لا أعرفه ومع إلقائي نظرة على موضوعات الصفحة الرئيسية وجدت شيئا عجيبا، وجدت موضوعا تحت اسم “بحث لإثبات سطحية تناول الأستاذ فلان (الداعية) لموضوع الإيجابية”، ولم أستطع وقتها أن لا أرد عليه متناولة هذه النقاط الرئيسية (مع العلم أنني لا أميل تماما لمن تحدث عنه):

لقد أضعت من وقتك ووقت المسلمين في بحث طويل عريض لإثبات شئ واضح كالشمس وكان من الأولى بدلا من إثبات سطحية غيرك أن تقوم ببحث في تناول الإيجابية بمفهومك المتعمق فيستفيد بهذا البحث المسلمون جميعا، ولكنك بهذا البحث تذكرني بالمنافقين وقت تجهيز رسول الله لجيش العسرة (غزوة تبوك) حين جلسوا يلمزون المطوعين في الصدقات فإذا جاء أحد المسلمين متطوعا بالكثير قالوا يرائي وإذا جاء بالقليل سخروا منه.
الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) – التوبة

ففي رأيي أن الأستاذ فلان يُشكر على تناول موضوع لم يفكر فيه أحد من قبله وقد بذل ما عنده ولا نقول إلا جزاه الله خيرا ولا أراه إلا أن فتح الباب لموضوعات تهم المسلمين حتى يتناولها غيره بما يفتح الله عليهم من العلم.

الإنسان الذي يعمل ويكد ويعرف قدرته لا ينظر إلى أحد ولا يهتم بتصيد الأخطاء للآخرين وكل ما يشغله عمله وكيفية الإحسان فيه والإرتقاء به وذلك لأسباب عديدة منها أنه ليس لديه وقت لذلك وعقله مشغول في عمل وهو واثق من ربه ويعلم أن أجره من الله وأن لا أحد سينقص منه شيئا وأن الله سيجزيه بقدر اجتهاده والسبب الآخر هو أن هدم الآخرين لا يعطي شعورا طيبا في نفس الإنسان السوي ولا يسعد إلا إنسان مريض.

النميمة هي جزء لا يتجزأ من الظهور على جثث الآخرين

والنميمة لمن لا يعرفها ويخلطها بالغيبة هي بإختصار إيصال كلمة قالها شخص عن آخر في غيابه له، ومصيبتها أنها توقع بين الناس في المجتمع الواحد وتؤدي إلى تفككه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها:”لا يدخل الجنة نمام”.

النمام هو الذي يريد الظهور والتميز بنقل كلام يهم المستمع لأنه عنه فيضمن لنفسه مكانة خاصة لديه، لكن هذا المستمع غالبا لا يكون بالذكاء الكافي الذي يدرك به أن من يفعل ذلك مع غيره سيفعله معه يوما وأن المشكلة الحقيقية ليست فيمن قال الكلمة ولكنها فيمن نقلها، لأن الناس قد تخرج منها ردود أفعال وقت الغضب غير محسوبة وتندم هي نفسها عليها بعد ذلك أو قد تقال كلمات تحت ضغط العمل أو البيت أو بدافع من موقف معين، أو قد تنتقل نفس الكلمات بطريقة أخرى تظهر الإساءة، لذا يجب أن تتأمل شخصية من انتهز فرصة خروج كلمة من شخص قريب أو بعيد ليسرع إليك بها فتكون الوقيعة بينك وبين هذا الشخص.

هذا النمام لم يجد في نفسه القدرة على القيام بحوار مفيد يلفت به نظر الآخرين ويحصل به على إنتباههم وشخصيته لن تؤدي هذا الغرض فلجأ لأسهل طريقة وهي تناقل مثل هذا الكلام الذي يوصف “بالشيِّق” عند الكثير ويلقى لديهم رواجا كبيرا.

لو نظرنا عن كثب سنجد أن حب الظهور يخرج أسوأ ما في الإنسان ويجعله يستخدم أساليب دنيئة في الوصول لغرضه دون كفاءة ودون علم يعززه، فهو السبب الرئيسي على سبيل المثال في شيوع التشدد والالتزام بمظاهر الدين دون جوهره، وهو السبب في شيوع الكذب والبهتان والأحاديث اليومية اللانهائية في أعراض الناس من حولنا والفرح لمصائب الآخرين وحسدهم والحقد عليهم إذا أنعم الله عليهم.

هنا تساؤل وهو هل حب الظهور أو حب لفت أنظار الناس هو من الأهداف المشروعة للفرد في مجتمع ما؟؟

الحقيقة لا،

و”لا” هنا مرتبطة بأن يكون حب الظهور هو الهدف، أما أن تكون للإنسان رسالة فيسعى للظهور بهدف توصيلها فهذا شئ آخر لأن عينه لن تكون على الظهور بأي وسيلة ولكن عينه ستكون على الهدف من هذا الظهور وسيكون مشغولا به، وهذا لا يمنع أن المسألة قد تفلت من البعض عند التطبيق، ولكن الحكم على ذلك ليس لنا لأن القلوب لا يعرف خباياها إلا خالقها سبحانه.

وحب التفرد هو شعور طبيعي داخل كل إنسان طالما أنه بالنسبة المعقولة التي لا تؤثر سوى في دفع هذا الإنسان للعمل والكد، والمشكلة تحدث حين يكون الإنسان فارغا من داخله أو هكذا يشعر كنتيجة مباشرة أو غير مباشرة لسوء تربية أو ظروف مر بها أدت إلى ذلك. هذا الشعور يجعله مقتنعا لاشعوريا أنه أقل من الآخرين وأن قدرته لا تمكنه من الوصول لمستواهم بالطرق المشروعة، وعلى الرغم من أن هذه قناعته لكن قناعته خاطئة وهي مجرد وهم سيطر على شخصية ضعيفة واقتادها لمصير مدمر، لأن كل إنسان خلقه الله بقدرات خاصة وكل ما عليه أن يفعله هو أن يكتشف هذه القدرات وأن ينميها ويشغل نفسه بتنميتها وليس بالحسرة عليها مقارنة بالآخرين فيظل طوال الوقت مشغولا بهم وبقدراتهم مما يعزز داخله الفجوة بينه وبينهم ويسلبه قوته على الخروج من هذه الدائرة المفرغة التي إن لم يكسرها بقوة إرادة سيظل يدور فيها إلى أن تصل به إلى نار جهنم.

والظروف التي يعاني منها الإنسان أثناء تربيته ولو كانت صعبة ليست حجة له حتى يؤذي الآخرين، هذه ليست قسوة مني ولكن تلك هي الحياة، ولو استسلمنا للظروف لأكل بعضنا بعضا، فنحن جميعا إما إبتلانا الله بالمصائب والظروف القاسية أو ابتلانا بالرخاء والظروف المنعمة وكلاهما صعب حين تضع في اعتبارك أن المراد الثبات على دينك وليس رغد العيش، فقد يقول احدهم كيف يكون الرخاء صعبا؟ وأرد على ذلك قائلة، من المفترض أننا نحتاج أن نقاوم شيئا ما بداخلنا حتى يعرف الله من منا صادق في علاقته بربه ومستعد لتحمل الصعاب للوصول إليه وإرضاؤه سبحانه ومن هو الكاذب الذي يريد أن يقول ويقول ولا يفعل شيئا.

أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ (4) مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) – العنكبوت

لذا فالمطلوب منا في حياتنا الإثبات العملي أننا نستطيع أن نكبح جماح رغباتنا ونوازعنا الداخلية لنصل إلى ما يحبه الله وعلى قدر مقاومتنا يكون حبنا الحقيقي له عز وجل. وهنا يكون رغد العيش ووجود مال بيدنا يسمح لنا أن ننسى أنفسنا ونحيا الدنيا بطولها وعرضها امتحان صعب.

كلمة أخيرة أحب أن أضيفها وهي أن العمل الجماعي والصعود الجماعي لا يقلل من شأن الفرد بل يزيده عزة لأن الجماعة أقوى ففيها قدرات لا تتسنى للفرد الواحد مهما اعطاه الله من علم وقوة، ولكن للأسف ثقافة العمل الجماعي متدهورة في المجتمعات العربية وذلك نتيجة أمهات تربي أبنائها على المنافسة والتميز الفردي فهي تفعل ذلك بين الأخ وأخيه وتفعل ذلك بينهم وبين أقاربهم ثم زملائهم في الدراسة فيكبر الطفل وهو لا يفهم إلا أن التميز شئ فردي حتى أن بعضهم يكرس حياته لإحباط أي محاولات جماعية للإنجاز.

هنا انتهى الموضوع ويليه تعليقات مفيدة في منتديات نُشر فيها


تعليق د. مازن
الإدارة التنفيذية لمنتديات صقر الشمال
حب الظهور … الانانية … العمل الجماعي … مسميات اختصر بها مقالك الرائع هنـــــــــا ….

يعد حب الظهور من الأمراض الاجتماعية اوهو مرض يجعل من صاحبه انسان استعراضي لغرض تحقيق غايات وأهداف محددة لإرضاء غرورهم وجعل الآخرين ينظرون إليهم نظرات إعجاب أو تقدير

والاسوأ هنا حين يكون هذا المريض النفسي يتبوأ مكانا مرموقا وقدوة في نظر الاخرين وفي مفردات مجتمعه …
وفي الحقيقة لا ارى انه من الواجب ان نقول لهذا الانسان تنحى … بل يمكننا استغلال القدرات التي يمتلكها ومن خلاله مع تصحيح لمسار المعجب وعلاج أسباب المرض الذي به .والأمة ليست مجموعةَ أفرادٍ مُتناثرين ولا مجرَّد جماعة. من هنا نبدا في بذر بذور العمل الجماعي المنتج .

ان العوائق التي تقف في طريق الأفراد لسلوك العمل الجماعي، كثيرة واحيانا متجذرة في الشخصية ذاتها … وان الممارسات الخاطئة للقادة وكبار الفكر يشكلوا :

العائق في طريق السالكين في الدعوة إلى الله

الخوف؟ و عدم الاقتناع بأهمية

وهنا يجب ان نقر ونسجل انه ليس السلوك الخاطئ لدى بعض الأفراد في العمل الجماعي هو السبب الوحيد؛ ولكنه قد يكون سببًا من الأسباب المتعددة والمتشابكة التي تصرف الناس عن العمل الجماعي
(وتعاونوا على البرِّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
(ولتكن منكم أمَّةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون).

يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله :
“والذي أعرف به الجماعة أحسن الله إليهم في الدنيا والآخرة وأتم عليهم نعمته الظاهرة والباطنة، فإني -والله العظيم الذي لا إله إلا هو- في نعم من الله ما رأيت مثلها قط في عمري كله، وقد فتح الله سبحانه وتعالى من أبواب فضله ونعمته وخزائن جوده ورحمته ما لم يكن بالبال ولا يدور في الخيال”.

“والذي آمر به كل شخص منهم أن يتقي الله ويعمل لله مستعينًا بالله مجاهدًا في سبيل الله، ويقصد بذلك أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يكون الدين كله لله”.

“وتعلمون أيضًا أن ما يجري من نوع تغليظ، أو تخشين على بعض الأصحاب والإخوان مما كان يجري بدمشق، ومما جرى الآن بمصر، فليس ذلك غضاضة ولا نقصًا في حقِّ صاحبه، ولا حصل بسبب ذلك تغيُّرٍ منَّا ولا بغض، بل هو بعد ما عومل به من التغليظ والتخشين أرفع قدرًا وأنبه ذكرًا وأحب وأعظم، وإنما هذه الأمور هي من مصالح المؤمنين التي يصلح الله بها بعضهم بعضًا، فإنّ المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى، وقد لا ينقلع الوسخ إلا بنوعٍ من الخشونة، لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة ما يحمد معه ذلك التخشين”.

وعلاج حب الظهور وسوء سلوك وادارة العمل الجماعي يكمن في :
الثقة فيما عند الله، وليعلم المسلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأنَّ الأمة لو اجتمعت على نفعه لم ينفعوه إلا بشيءٍ كتبه الله له، وأن نفسًا لن تموت حتى تستوفي رزقها وأجلها.. إلى آخر هذه التعليمات النبوية الكريمة التي بثَّها النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس أتباعه فهانت عليهم الدنيا، وعزت لديهم الآخرة، ولقد كانت نصيحة ورقة بن نوفل -بعد أوامر الله عز وجل- عونا للنبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه، حيث بصره بتبعات هذا الطريق حينما قال له ليتني أكون جذعا -أي شابا قويا-عندما يخرجك قومك، فاندهش النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: أو مخرجيّ هم؟! قال لم يأت أحد بمثل ما أتيت به إلا كذبه قومه.

أسباب رئيسة اخرى تشكل العوائق في طريق العمل الجماعي منها:
1- التكوين النفسي للفرد، وحبه للعزلة والانطواء
2- زعامة الفرد وعدم قبوله قيادة غيره له واعتباره أن هذا شينٌ ينأى بنفسه عنه
3- عدم استيعاب الجماعة للأفراد وحسن توظيفهم ووضع كلّ منهم في المكان المناسب عائق 4- الوجاهة والمنصب والجاه الذي يخشى عليه الفرد عائق


رد داليا رشوان
أخي الكريم وأستاذي الفاضل د. مازن
إضافتك رائعة ولا نختلف عليها إن شاء الله إلا أن عندي بعض التعليقات على إضافتكم منها:

1- من الصعب تقويم أو علاج مرض نفسي لا يريد المريض الشفاء منه لأن مرضه يعطيه شعور بالسعادة وليس هناك ما يجبره على البحث عن علاج، هذا غير أنه لا يقتنع أبدا أنه مريض بل يرى أن المجتمع هو الذي يحتاج للعلاج، ونرى في ذلك مثلا المنافق، أنت لا تستطيع أن تجبره على ترك النفاق لأنه مثاليا فيما يظهره وإنما علاجه في قناعته الداخلية وإخلاصه لله، وأنت لا تملك تحويل ما في قلبه بأي أسلوب إلا أن يغير هو ما في نفسه فيغير الله له نفاقه.

والظهور يبعث نشوة غير طبيعية فيمن يسعى له لذا هو نموذج صعب التغيير لأنك ستحرمه مما يحتاج إلى مجهودات ضخمة قد لا تؤدي في النهاية غرضها لتحويل سعادته من حب الظهور إلى حب العمل لوجه الله طالبا الأجر منه وهذه بصيرة يعطيها الله لمن يخلص له أما من يفعل للناس فإن الله يطمس على سمعه وبصره وقلبه فكيف تصل إليه.

ولا نقول له هنا تنحى ولكن معرفة طبائع البشر الذين تتعامل معهم يجعلك أكثر حذرا وحيطة حتى لا تنكوي بنارهم وينتهي بك الحال إلى أن تكون احدى الجثث التي يقف عليها للظهور.

2- العائق في سبيل إنجاح العمل الجماعي بالفعل هو لأفراد آثروا الظهور على إنجاح العمل لأن الإدارة فرد، فرد مدير وضع قواعد لمصلحته الشخصية، والرئيس فرد أيضا وقد يكون له نفس الصفات القاتلة للعمل الجماعي،
والسيناريو المشترك بين الكثير من المشاريع الكبيرة هو أن الرئيس يؤثر مصلحته فيستقطب القيادات التي تحت يده من ذوي القدات الضعيفة حتى لا يتفوقون عليه، وذوي القدرات الضعيفة ليس لديهم الحس الاداري الذي يجعلهم يختارون من تحت يديهم بمقاييس عادلة لمصلحة العمل ولكن يحبون من يظهرهم وينافقهم ويتملقهم حتى لا يشعرهم بضعفهم، ومن بعدهم منافقون لا يريدون إلا أن يتقلدوا المناصب ليتفاخرون بها دون أساس له علاقة بعلمهم أو عملهم ……
وهكذا ضاعت المؤسسة

وكم عدد المؤسسات والمشاريع الناجحة والتي من المنطق أن يكون لها مستقبل رائع تنهار أمام عيني


رد: د.مازن
الإدارة التنفيذية لمنتديات صقر الشمال
اوافقك الراي ان اي مؤسسة تُبنى على المصالح الفردية سرعان ما تختفي من خارطة التميز وان بقي اسمها في قاع المؤسسات ….
المدير الناجح
– سوف يؤثر نجاحه وبرنامجه في تحفيز الاخرين على النجاح والعمل الدءؤوب … واما المدير الانتهازي التسلطي ” الفاشل ” فسوف يكون هو ومن هم دونه في دائرة الفشل المقنع بمزاجاته واهوائه وعبثه ..
– يشرك المدير الفعال المرؤوسين في وضع أهداف المنظمة بشكل حقيقي في ضوء وحدة الرؤية الشاملة حيث يتم الوصول بين أفضل النتائج للمنظمة مع أفضل النتائج للفرد.

ومن المعلوم ان إن القائد الناجح يتألق نجمه في ميدان العمل، أما القائد العاجز فيختبىء في مكتبه ويصدر الأوامر وهو بكل تاكيد:
– يفهم السلطة على أنها السلطة المستمدة من الموقف في حدود التزامه بأهداف معينة؛ فهو بمثابة مستشار لمرؤوسيه الذين يطلبون مشورته المتفهمة الواعية .

– يتخذ الصراحة دائماً أسلوبه في التعامل حيث إن الصراحة تولد صراحة، وبهذا من الممكن أن تلغى العلاقات غير الرسمية الضارة: إن مدخله هو احترام الآخرين والاستماع إليهم بتفهم.

– يعتمد على الالتزام بروح الفريق الحق، والتأثير من خلال الفهم والاحترام الذاتي والمتبادل كاستراتيجية أساسية للتحفيز، في رؤيته يعتبر أن التحفيز مسألة رسالة وليست تجارة.

اما بخصوص علاج اولئك الذين ارتضوا ان يكونا في مستنفع اهواءهم ومخططات تسلقهم واهدافهم الدنيئة الدنيوية … واولا واخيرا ان الهداية من الله عزوجل …. ومهما كان ادمان الفرد على السلطة فاننا نسال الله دائما الهداية والمعافاة في الدنيا والاخرة .

اظهر المزيد

داليا رشوان

هذا الموقع هو عالمي الخاص الذي أردت أن أنشر من خلاله مشاهداتي والنتائج التي توصلت لها من خلال بحثي المستقل كما أضفت للموقع بعض الأقسام العلمية التي أقصد بها زيادة الوعي والتثقيف العلمي في عالمنا العربي. دراستي الرئيسية طبية وهي الكيمياء الحيوية ومنها تعلمت ما يتعلق بالنفس البشرية بأسلوب علمي تطبيقي وليس فلسفي، مما جعلني أخرج بأساليب عملية تجمع بين العلم والشرع لتيسير الحياة على الناس وإيجاد وسائل السعادة والرضا لهم. للمزيد عني يمكن زيارة هذه الصفحة: عن الكاتبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
×

مرحبا!

للحالات التي تحتاج دعم نفسي واستشارات أسرية (بواسطة التليفون أو برامج الاتصال الصوتية) يمكن التواصل والحجز واتس أب

× تحدث معى عبر واتس أب